للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد شهد المنصفون من الباحثين- حتى من غير المسلمين- بسلامة النّص القرآني من التحريف والتبديل، ومن هؤلاء: المستشرقون الألمان حيث جمعوا النسخ الخطية المتداولة للمصحف، في شرق العالم الإسلامي وغربه للوقوف على ما توهّموا من اختلافات بين النسخ، وقارنوا بين هذه النسخ على العصور والبلدان المختلفة فلم يجدوا اختلافا أصلا، مما يؤكد سلامة القرآن من التغيير والتحريف والتبديل، وهو ردّ من داخل الدراسات الغربية على كل ما أثير من شبهات لا أساس لها من الصّحّة، ولا غرابة في ذلك، بعد ما شهد القرآن الكريم بأن الله تولى حفظه أبد الدهر.

كما تكفّل الله تعالى بحفظ القيم في الكتاب والسّنة من أي تحريف أو تبديل، سواء في ذلك تحريف الكلم عن مواضعه، أو تحريفه بالتأويل والخروج بالمعنى عما وضع له اللفظ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ١٥/ ٩].

إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ [القيامة: ٧٥/ ١٧ - ١٩].

وهذا التّكفل بالحفظ للنّص الإلهي، والحراسة لبيانه، وقيمه عن طريق النّبوة يعتبر من أبرز سمات الرسالة الخاتمة، وأخصّ خصائصها» (١).

والخلاصة أن سائر أهل التوحيد متفقون أن القرآن الذي نزل به جبريل الأمين على النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم هو المسطور في المصاحف ذاته، لم يسقط منه حرف، ولم يزد فيه حرف، وأن من أنكر منه شيئا أو زاد فيه فقد خرج من إجماع الأمة.

[المبحث الثالث عصر أئمة القراءة]

انتشر الصحابة في الأمصار وتلقى الناس عنهم مذاهبهم في القراءة، واشتغل بالإقراء عن


(١) مقالة علمية بعنوان: هيمنة القرآن وعالميته وخلوده، للأستاذ الدكتور أحمد علي الإمام، مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، أحتفظ بصورة منها، وقد نشرت.

<<  <   >  >>