قال أبو زرعة: قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص: وَأَرْجُلَكُمْ بالفتح، وحجتهم أنها معطوفة على الوجوه والأيدي؛ فأوجبوا الغسل عليهما.
عن أبي عبد الرحمن- عبد الله بن عمر- قال: «كنت أقرأ، والحسن والحسين قريبا من علي رضي الله عنه، وعنده ناس قد شغلوه، فقرأنا: وَأَرْجُلَكُمْ فقال رجل: (وأرجلكم) بالكسر، فسمع ذلك علي رضي الله عنه، فقال:«ليس كما قلت»، ثم تلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، هذا المقدم والمؤخر في الكلام» (١). قلت: وفي القرآن الكريم من هذا التقديم والتأخير كثير، قال الله: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: ٥/ ٥]، ثم قال: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وعطف ب الْمُحْصَناتُ على الطَّيِّباتُ، وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً [طه: ٢٠/ ١٢٩]، ثم قال: وَأَجَلٌ مُسَمًّى فعطف (الأجل) على (الكلمة) وبينهما كلام، فكذلك ذلك في قوله: وَأَرْجُلَكُمْ عطف بها على الوجوه والأيدي على ما أخبرتك به من التقديم والتأخير.
(١) أورده السيوطي في الدّر المنثور، ط دار المعرفة ٢/ ٢٦٢، وفيه زيادة: وكان علي يقضي بين الناس، وعزاه إلى أبي عبد الرحمن السّلمي.