للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة التاسعة:]

قوله تعالى: إِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً [الحجرات: ٤٩/ ١٤].

قرأ أبو عمرو البصري، ويعقوب: (لا يألتكم من أعمالكم شيئا) (١). وقرأ الباقون:

لا يَلِتْكُمْ (٢).

والوجهان بإثبات الهمزة وإسقاطها في معنى واحد، وهو الإنقاص، أي: لا ينقصكم من أعمالكم شيئا. ومثله قوله سبحانه: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الطّور: ٥٢/ ٢١]، أي:

ما أنقصناهم من عملهم من شيء.

وألته: حبسه عن وجهه، وصرفه؛ مثل لاته يليته، وهما لغتان حكاهما اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء، ومنه قول عبد الرحمن بن عوف يوم الشورى: ولا تغمدوا سيوفكم عن أعدائكم فتولتوا أعمالكم، أي تنقصوها (٣).

ولا تجد في مرسوم المصاحف ما يشير إلى اختيار البصريّين: أي أبو عمرو ويعقوب؛ إذ المرسوم المشتهر لا يساعد على تصوّر إقحام همزة بين الياء واللام، ولم يشر أحد أنها كذلك في المصحف البصري، ولكن يجب القول بأنها كذلك في أحد المصاحف العثمانية لإطباقهم على تواترها، واتّفاقهم أنه لا يجزم بصحة قراءة إلا مع ثبوت التواتر، وموافقة أحد المصاحف العثمانية، وأحد وجوه النحو.

وقد أوردت لك هذا الوجه مع أنه لا يترتب عليه حكم جديد في مسائل الاعتقاد، ولكن أردت به التّنبيه إلى هذا الوجه من لزوم تقدير الهمزة في مرسوم أحد مصاحف الأمصار التزاما بإجماعهم.

وبالجملة فإنه ليس ثمة ثمرة ظاهرة لهذا لأن الاتّفاق منعقد بين المفسرين على توحّد المعنى في القراءتين، وأنهما لغتان لمعنى واحد، وقد بسط ابن منظور في اللسان أدلة الفريقين فراجعها.


(١) لا يخفى أن أبا عمرو البصري على أصله في إبدال الهمزة ألفا.
(٢) تقريب النشر لابن الجزري ١٧٥. وعبارة طيبة النّشر:
... ... ... ... يألتكم البصري ... ...
(٣) لسان العرب لابن منظور ٢/ ٤ مادة ألت.

<<  <   >  >>