للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إطلاق اسم البنات، وليس المعنى أنهم وضعوا لها لفظ الإناث أو لفظ البنات اسما من غير اعتقاد معنى، وإثبات صفة. هذا محال لا يقوله عاقل» (١).

والخلاصة فإن الآية جاءت في قراءتيها تتضمن التهويل والإنكار على من اعتقد في الملائكة الكرام أوصافا غير التي أخبر المولى سبحانه عنها، فأخبر عن الملائكة كما في قراءة أهل الشام، والحجاز أنهم عنده سبحانه، فجعل من يطعن في كرامتهم واقعا في المحظور المخالف للعقيدة الإسلامية.

[المسألة العاشرة:]

قوله تعالى: وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الحديد: ٥٧/ ٨].

قرأ أبو عمرو البصري: (وقد أخذ ميثاقكم). وقرأ الباقون: وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ (٢).

وقد اختار أبو عمرو أن يجري الآية على ما لم يسمّ فاعله، وقد اتّفق سائر القرّاء على بنائها للمجهول في قوله سبحانه: أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ.

[وثمرة الخلاف:]

تظهر في تعظيم أمر الميثاق، فقد نسب أخذ الميثاق في قراءة أبي عمرو إلى ما لم يسمّ فاعله، وهو يفيد تهويل شأن الميثاق، ثم جاءت القراءة الأخرى بالتصريح أن الميثاق إنما هو مع الله عزّ وجلّ، فيكون بذلك أوقع في النفوس وأهيب.

وهكذا فليس بين القراءتين تنافر أو تضادّ، ولكن قراءة أبي عمرو بالتّصريح بعائدية الفاعل؛ أفادت معنى جديدا؛ وهو التصريح بأن الميثاق إنما هو بين الله وبين المؤمنين.


(١) دلائل الإعجاز للإمام اللغوي عبد القاهر الجرجاني، ط مكتبة سعد الدين ٣٤٠.
(٢) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ٦٩٧. وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري ٣٦٣. وعبارة الشاطبي:
وميثاقكم عنه وكل كفى ... ... ... ... ...

<<  <   >  >>