، فإن كان ذلك كذلك فالواجب أن تكون القراءة في المساكين على الجمع لا على التوحيد، وتأويل الآية: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ أيام يفطر فيها إطعام مساكين، ثم تحذف أياما وتقيم (الطعام) مكانها.
وحجة الجمهور أن في البيان على حكم الواحد، البيان عن حكم جميع أيام الشهر، وليس في البيان عن حكم إفطار جميع الشهر، البيان عن حكم إفطار اليوم الواحد.
[ثمرة الخلاف:]
أفادت قراءة الإفراد أن الفدية إطعام مسكين واحد، فوجب حملها على الفدية عن كل يوم.
وأفادت قراءة الجمع أن الفدية إطعام عدد من المساكين، فوجب حملها على تعدد الفدية بتعدد الأيام.
ولكن ما الفائدة من تعدد القراءات هنا؟ الجواب أن قراءة الإفراد دلّت على وجوب دفع الفدية للمسكين، فربما توهّم متوهّم بأنه لا يصح توزيع الفديات إذا تعددت الأيام إلا إلى مسكين واحد، فأخبرت قراءة الجمع أن دفع الفديات يصح إلى مسكين واحد، ويصح إلى جماعة من المساكين.
وهذا الذي أدت إليه القراءات المتواترة يميّزه البصير العارف، فربّ مسكين لا تندفع غائلة الجوع عنده بعطية يوم، فتواصل إعطاءه أياما، وربّ مسكين يقع في كرب يوما فيجد عطيتك له عونا ومددا.
وبعد .. فهذا ما ظهر لي من ثمرة الخلاف، وهي كما يظهر غير كافية، وهي مبلغ علمي، على أنه ينبغي أن توقن أن ثمة أسرارا أخرى مكنونة لاختلاف القراءة، قد يعلمها قوم وتخفى عن آخرين، والله أعلم.