للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثمرة الخلاف:]

إن المعاني التي أدت إليها القراءتان متقاربة؛ فهي أولا أفادت نفي المماثلة بين سقاية الحاج والإيمان، فكانت على تقدير: لا يستوي من قام بسقاية الحاج، ومن آمن بالله، واليوم الآخر.

وأفادت ثانيا نفي المماثلة بين سقاة الحاج، وعمارة المسجد الحرام، وبين المؤمنين، فالمؤدى المفهوم من القراءتين جميعا، أن الأعمال غير متساوية، والأفراد غير متساوين، إذ لا يقبل الله عملا يقوم به عامل مع فساد العقيدة، وهو أصل مقرر في فروع الشريعة، وقد دلّ له قوله سبحانه:

وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان: ٢٥/ ٢٣].

وفي الحديث القدسي: «إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري» (١).

[المسألة العاشرة:]

قوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: ٥/ ٩٥].

قرأ الكوفيون ويعقوب: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، وقرأ الباقون: (فجزاء مثل ما قتل من النّعم) (٢) فمن رفعهما جميعا فرفعه على معنى: فعليه جزاء مثل الذي قتل، فيكون مثل ما نعت الجزاء، ويجوز أن يكون التقدير على أساس أنهما مبتدأ وخبر، فيكون المعنى: فجزاء ذلك الفعل مثل ما قتل.

وعلى ذلك تتوجه قراءة الخفض إلى معنى: فجزاء مثل المقتول واجب عليه، وقد تعددت مذاهب الفقهاء تبعا لاختلاف الرواية في هذا الموطن، فقالت الحنفية: من قتل الصيد فإنه يقوم الصيد المقتول من الدراهم، ثم يشتري قيمته فداء من النّعم ثم يهديه إلى الكعبة لأن المطلوب قيمته، بدليل أن الجزاء أضيف إلى المثل: فجزاء مثل، كما في قراءة الجميع إلا الكوفيين ويعقوب، والشيء


(١) رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء.
(٢) تقريب النشر ١٠٩. وعبارة طيبة النّشر:
ظهرا ومثل رفع خفضهم وسم ... والعكس في كفارة طعام (عم)

<<  <   >  >>