للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن يونس قد برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يذكروا، وأقاموا على كفرهم، فراغمهم، وظن أن ذلك يسوغ حيث لم يفعله إلا غضبا لله، وأنفة لدينه، وبغضا للكفر وأهله.

فالتأليف بين القراءتين أفادنا الاطّلاع على خواطر نبي الله يونس، وهو يولي قومه، وهي كما ترى خواطر لا تقدح في العصمة، بل تكشف لنا زيادة مزايا الفضل في هذا النّبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم.

[المسألة الثانية عشرة:]

قوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب: ٣٣/ ٤٠].

قرأ عاصم: وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ بفتح التاء. وقرأ الباقون: (وخاتم النّبيّين) بكسر التاء (١).

الخاتم والخاتم لغتان في معنيين اثنين: الخاتم: الزينة، والخاتم: الختام والطابع وكذلك بالكسر، وقد أطبقت معاجم اللغة على ذلك (٢).

وليس بين الفتح والكسر دلالة تشريعية إذ الأمر كما بيّناه تعدّد لغات لمقصود واحد، وهو ما دلّت عليه مراجع اللغة المعتمدة.

ولكن يبدو في المسألة دلالة أخرى في تكامل المعنى من القراءتين المتواترتين، وهو أن خاتم بالكسر اسم فاعل، وخاتم بالفتح اسم ذات، وكلاهما وصف له صلّى الله عليه وسلّم بأنه ختم الرّسل وأنه صلّى الله عليه وسلّم ختمهم، وذلك بمعنى الختام، وبمعنى الزينة جميعا.

ولست أجد هنا ثمرة للخلاف من جهة الأحكام الشرعية، ولكني أوردت هذه المسألة في هذا


(١) سراج القاري لابن القاصح العذري ٣٢٨. وعبارة الشاطبي:
... ... ... ... ... ... وخاتم وكلّا
بفتح نما ... ... ... ... ... ...
وعبارة ابن الجزري في الطيبة:
يكون خاتم افتحوه نصّعا ... ... ... ...
(٢) انظر لسان العرب ١٢/ ١٦٣ مادة ختم، والقاموس المحيط ٤/ ١٠٥، مادة ختم، والصحاح للجوهري مادة ختم، ومختار الصحاح للرازي ١٦٩ مادة ختم.

<<  <   >  >>