للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقام نظرا لأن فرقة مارقة ظهرت أيام الاحتلال البريطاني للهند؛ وهي الفرقة القاديانية (١) استغلت جهل العامة باللغة فروّجت لضلالتها بأن القراءة المتواترة لا تدلّ على أكثر من أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم زينة للرّسل، وليس ختاما لهم. وهذه الضلالة مردودة عند أهل الاعتبار من وجهين:

الأول: لم ينفرد أحد من أهل اللغة المحتجّ بهم بهذا التفصيل، فالخاتم والخاتم كلاهما يحتوي المعنى ذاته من الختام والزينة، فالانفراد بأحد المعنيين تحكم، وهو أمر لم يؤدّ إليه من قبل اختيار أحد من النّحاة المشهورين. وقد قدّمت لك طرفا من اختيارات الجواهري، والفيروزآبادي، وابن منظور في الصفحة السالفة (٢).

الثاني: لو سلمنا جدلا بأن الخاتم بالكسر هو الزينة، ولا يدل على الختام، على أساس أن قراءة الفتح وحدها تفيد ختم النّبوة، فكيف يسوغ لمسلم أن يقبل إحدى القراءتين المتواترتين، وينبذ أختها، مع أنهما في الثّبوت سواء عند سائر المسلمين، وليست إحداهما أولى من أختها بالقبول من جهة الإسناد؟

وهكذا فإن مسألة ختم النّبوة منصوص عليها في القرآن الكريم، كما دلّت على ذلك القراءات المتواترة التي لا ينكرها إلا كافر. وهذه الأدلة من القرآن الكريم مؤيدة بالأدلة المتظاهرة من السّنة النّبوية التي أجمع أهل السّنة والجماعة على تصحيحها. قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «سيكون في أمّتي ثلاثون كذّابا، كلّهم يزعم أنّه نبي، وأنا خاتم النّبيين، لا نبيّ بعدي» (٣).


(١) القاديانية فرقة ضالّة أنشأها غلام أحمد القادياني (١٢٥٢ - ١٣٢٦ هـ) قام يعلن بأن الله إنما وعد بظهور مثيل عيسى في الأرض لا بظهور عيسى نفسه، وبأنه هو ذلك المثيل الذي وعد الله بظهوره، فهو المسيح الموعود. ثم راح يزعم أنه نبي ورسول من الله، وصاغ لنفسه وحيا كالقرآن، وابتنى لنفسه في بلدة قاديان مسجدا، وسمّاه المسجد الأقصى. وسمّى بلدته مكة المسيح إلى آخر ما هنالك من الضلالات إلى أن توفي، وكان من أخطر ما دعا إليه دعوته إلى نسخ الجهاد، وتحريمه ضدّ الإنكليز في الهند، وهي دعوة تكشف عن حقيقة طوايا القوم ونواياهم. وليس التفصيل من شرط هذه الدراسة بل يمكننا الإشارة إلى بعض الدراسات الجادّة التي قصدت كشف طواياهم وتعريتهم أمام الأمة، منها على سبيل المثال: (طائفة القاديانية) للعلامة محمد الخضر حسين، (القادياني والقاديانية) للسيد أبي الحسن الندوي، (ما هي القاديانية) لأبي الأعلى المودودي، (القاديانية) لإحسان إلهي ظهير، (الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة) تأليف ناصر الغفاري، وناصر عبد الكريم العقل.
(٢) انظر الصفحة السابقة من هذه الدراسة.
(٣) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ٦/ ٢٢٢٠.

<<  <   >  >>