للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتّباعه، والاقتداء به، وكذلك قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم في مرضه: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» فقالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس من البكاء، فمر عليّا (١)، فليصلّ بالناس، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنكن لأنتنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس» (٢).

وكذلك فقد أورد القاضي ابن العربي خمسة أسباب لنزول الآية تكشف لك أن كلا المعنيين مراد حيث دلّت عليه الآية، وبسط الأسباب الخمسة كما يلي:

الأول: إن قوما كانوا يقولون لو أنزل في كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآية. قاله قتادة.

الثاني: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه. قاله ابن عباس.

الثالث: لا تفتاتوا على الله ورسوله في أمر حتى يقضي الله على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم ما يشاء.

قاله مجاهد.

الرابع: نزلت في قوم ذبحوا قبل أن يصلّي النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فأمرهم أن يعيدوا الذبح. قاله الحسن.

الخامس: لا تقدموا أعمال الطاعة قبل وقتها. قاله الزجاج (٣). وأورد القرطبي سببا سادسا وهو أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يستخلف رجلا على المدينة يوم قصد خيبر، فأشار عليه عمر برجل آخر فنزلت (٤).

ويناسب أن يكون الرابع والخامس سببا للآية كما قرأ يعقوب، وأن تكون الأسباب الأخرى واردة على ما قرأ الباقون.

قال ابن العربي: هذه الأقوال كلها صحيحة تدخل تحت العموم، فالله أعلم ما كان السبب المثير للآية، ولعلها نزلت دون سبب (٥).


(١) الرواية المشهورة أنه عمر، أوردها البخاري في الصحيح كتاب الجماعة والإمامة، رقم الحديث (٦٣٣).
(٢) أحكام القرآن للقاضي ابن العربي المالكي ٤/ ١٧١٢.
(٣) أحكام القرآن للقاضي ابن العربي ٤/ ١٧١٢.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٣٠١.
(٥) أحكام القرآن للقاضي ابن العربي ٤/ ١٧١٢.

<<  <   >  >>