للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ [الأنعام: ٦/ ٦].

وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ [الحجر: ١٥/ ١٤ - ١٥].

وفي توكيد المعنى جاءت الآية التالية: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الأنعام: ٦/ ١٠٩].

وهذا السياق يدفع توهّم أن تكون الآية عتابا للمؤمنين كما يشعر به قوله سبحانه:

وَما يُشْعِرُكُمْ، على قراءة الفتح.

وهكذا فإن جماهير المفسرين متّفقون على معنى أن الآيات لن تكون سببا لإسلامهم، فلا تنتظروا دخولهم في الإسلام بها إلا أن يشاء الله، ولكن أكثرهم يجهلون.

وللقرطبي في هذه الآية تعليل لطيف أنقله لك بنصّه:

قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ أي قل يا محمّد: الله القادر على الإتيان بها، وإنما يأتي بها إذا شاء. وَما يُشْعِرُكُمْ أي: وما يدريكم إيمانهم، فحذف المفعول، ثم استأنف فقال:

(إنها إذا جاءت لا يؤمنون) بكسر إن، وهي قراءة مجاهد، وأبي عمرو، وابن كثير. ويشهد لهذا قراءة ابن مسعود (وما يشعركم إذا جاءت لا يؤمنون).

وقال مجاهد، وابن زيد: المخاطب بها المشركون، وتمّ الكلام. حكم عليهم بأنهم لا يؤمنون، وقد أعلمنا في الآية بعد هذه أنهم لا يؤمنون، وهذا التأويل يشبه قراءة من قرأ (تؤمنون) بالتاء.

وقال الفرّاء وغيره: الخطاب للمؤمنين، لأن المؤمنين قالوا للنّبي صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله، لو نزلت الآية لعلهم يؤمنون، فقال الله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ أي: يعلمكم ويدريكم أيها المؤمنون.

أَنَّها بالفتح، وهي قراءة أهل المدينة، والأعمش، وحمزة، أي: لعلها إذا جاءت لا يؤمنون. قال الخليل: أَنَّها بمعنى لعلها، حكاه عن سيبويه، وفي التّنزيل:

وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي أنه يزّكّى. وحكي عن العرب: ايت السوق أنّك تشتري لنا شيئا، أي: لعلك، وهو اختيار إمام اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقال أبو النّجم:

<<  <   >  >>