للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لخص ابن العربي مذاهب السلف في المراد بهذه الآية على ثلاثة أقوال:

الأول: أنه الرجل يهب هبة يطلب أفضل منها؛ قاله ابن عباس.

الثاني: أنه الرجل في السفر يصحبه رجل يخدمه ويعينه، فيجعل المخدوم له بعض الربح جزاء خدمته، لا لوجه الله، قاله الشعبي.

الثالث: الرجل يصل قرابته، يطلب بذلك كونه غنيّا لا صلة لوجه الله؛ قاله إبراهيم النخعي.

وبالجملة فإن الآية متجهة إلى التّحذير من الرّبا بالقصد الظاهر أو بغير القصد الظاهر.

وهذه الآية حلقة من أربع حلقات تمّ فيها تحريم الرّبا، إذ تدرّج حكم الرّبا في التّحريم على أربع مراحل:

الأولى: نزل قول الله عزّ وجلّ: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الرّوم: ٣٠/ ٣٩].

فأخبر سبحانه أن مصير الرّبا إلى تلف، وأن المرابي يهدم ما يبنيه من حيث يريد أو لا يريد.

الثانية: قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة: ٢/ ٢٧٣].

وفي هذه الآية تنفير شديد من الربا، ومقارنة للمرابي بفاقد العقل الذي ركبه الصرع فأتلفه.

الثالثة: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران: ٣/ ١٣٠].

وهي صريحة في تحريم أنواع مخصوصة من الرّبا تمهيدا للتحريم النهائي.

الرابعة: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: ٢/ ٢٨٧].

<<  <   >  >>