للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فابتدأتُ بالتاريخ الكبير الذي صنَّفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو الكتاب المعوَّل عند الكافَّة عليه، والمرجوع عند الاختلاف إليه، فأخذتُ ما فيه من جميع تراجمه، لم أخلَّ بترجمةٍ واحدةٍ منها، وقد ذكر هو في أكثر الحوادث رواياتٍ ذواتِ عدد، كل رواية منها مثل التي قبلها، أو أقلّ منها، وربما زاد الشيء اليسير أو نقصه، فقصدتُ أتمَّ الروايات فنقلتها، وأضفتُ إليها من غيرها ما ليس فيها، وأودعتُ كلَّ شيءٍ مكانه، فجاء جميع ما في تلك الحادثة -على اختلاف طرقها- سياقاً واحداً على ما تراه.

فلما فرغتُ منه: أخذتُ غيره من التواريخ المشهورة فطالعتُها، وأضفتُ منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه، ووضعت كلَّ شيء منها موضعه، إلا ما يتعلَّق بما جرى بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني لم أُضفْ إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً؛ إلَّا ما فيه زيادة بيانٍ، أو اسم إنسانٍ، أو ما لا يُطعن على أحد منهم في نقله، وإنما اعتمدتُ عليه من بين المؤرِّخين إذ هو الإمام المُتقنُ حقَّاً، الجامعُ علماً وصحةَ اعتقادٍ وصدقاً.

على أنِّي لم أنقل إلا من التواريخ المذكورة، والكتب المشهورة، ممن يعلم بصدقهم فيما نقلوه، وصحَّة ما دوَّنوه، ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي، ولا كمن يجمع الحصباء واللآلي» (١).

قُلنا: وقريبٌ من منهج ابن الأثير، اخترنا لهذه الأبحاث أن تسير، فجعلنا كتاب الطبري أصلاً، لكن مع تعديل وتغيير.

فالطبريُّ يورد الأحداث مرتَّبة على السنين، وهذا لم نلتزم به، وإنما وضعنا كُل حادثة في مكانها الذي نراه لائقاً، وفق ترتيب كل بحث.

فبعض الأحداث تُنقل من نسقها عند الطبري لتُوضع في فصل خاص بالفضائل، أو الشبهات، أو غير ذلك، بحسب ما نرى الحدث ملائماً لمكانه في ترتيب البحث الذي يختاره الباحث.


(١) الكامل في التاريخ (١/ ٦ - ٧).

<<  <   >  >>