للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن كثير: «وذكر غير واحدٍ من علماء السير، أنهم اقتتلوا بالرماح حتى تقصَّفت، وبالنبال حتى فنيت، وبالسيوف حتى تحطمت، ثم صاروا إلى أن تقاتلوا بالأيدي، والرمي بالحجارة، والتراب يعفرونه في الوجوه، ثم تعاضوا بالأسنان، فكان يقتتل الرجلان حتى يثخنا ثم يجلسان يستريحان، وكل واحد منهما يهمز على الآخر ويهرُ عليه، ثم يقومان فيقتتلان كما كانا، لا يمكن أحدهما الفرار من الآخر، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولم يزل ذلك دأبهم حتى أصبح الناس من يوم الجمعة وهم كذلك، وصلى الناس الصبح إيماء وهم في القتال حتى تضاحى النهار وأقبل النصر، وتوجه النصر لأهل العراق على أهل الشام ; وذلك أن الأشتر النخعي صارت إليه إمرة الميمنة -وكان من الشجعان الأبطال الذين يعرفون الحروب ولا يهابون القتل- فحمل بمن فيها على أهل الشام، وتبعه علي، فانفضت غالب صفوف أهل الشام، ولم يبق إلا الهزيمة والكسرة والفرار» (١).

توقُّف القتال والدعوة إلى التحكيم:

كان لكثرة القتل الذي وقع في الطرفين، مع الإجهاد والإعياء الذي أصاب الجميع أثرٌ في الوصول إلى وقف القتال، والدعوة إلى التحكيم.

يقول محمد بن سيرين: «بلغ قتلى صفِّين سبعين ألفاً» (٢).

وقال خليفة بن خيَّاط: «وكان ممن قُتِل مع معاوية: ذو كلاع، وحوشب، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، وعمرو بن الحضرمي، وحابس بن سعد الطائي، وعروة بن داود الدمشقي، في جماعة كثيرة.

وقُتِل من أصحاب علي: عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعبد الله بن كعب المرادي، وعبد الرحمن بن كلدة الجمحي، في جماعة كثيرة» (٣).


(١) البداية والنهاية (١٠/ ٥٤٢ - ٥٤٣).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه خليفة بن خياط في تاريخه (ص: ١٩٦).
(٣) تاريخ خليفة بن خياط (ص: ١٩٤).

<<  <   >  >>