للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: أنَّه أسلم قُبَيْل الفتح (بعد الحديبية، وقبل الفتح):

عن عمر بن عبد الله العنسي قال: قال معاوية بن أبي سفيان: «لما كان عام الحديبية صَدَّتْ قريشٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيت ودافعوه بالراح وكتبوا بينهم القضية، وقع الإسلام في قلبي، فذكرتُ ذلك لأمِّي هند بنت عتبة فقالت: إيَّاك أنْ تخالف أباك، أو أن تقطع أمراً دونه فيقطع عنك القوت، فكان أبي يومئذٍ غائباً في سوق حباشة، قال: فأسلمتُ وأخفيتُ إسلامي، فوالله لقد دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية إنِّي مُصدِّقٌ به، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان، ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عام عمرة القضية وأنا مسلمٌ مُصدِّقٌ به، وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوماً: لكنْ أخوك خيرٌ منك، فهو على ديني، قلتُ: لم آل نفسي خيراً، وقال: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح فأظهرتُ إسلامي ولقيته فرحَّب بي، وكتبتُ له» (١).

وقال الذهبيُّ: «قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح» (٢).

لكنَّ الحافظ ابن حجر أبدى اعتراضاً على هذا القول؛ فقال:

«وحكى الواقديُّ أنه أسلم بعد الحديبية، وكتم إسلامه حتى أظهره عام الفتح، وأنَّه كان في عمرة القضاء مسلماً، وهذا يعارضه ما ثبت في الصحيح (٣)، عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال في العمرة في أشهر الحج: فعلناها، وهذا يومئذ كافر.


(١) إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في الطبقات (المتمم للصحابة، الطبقة الرابعة، ص: ١٠٦) عن محمد بن عمر الواقدي، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن العنسي؛ به. والواقدي مع إمامته في المغازي فهو متروك، كما في التقريب (٦١٧٥)، وابن أبي سبرة متهم بالوضع، كما في التقريب (٧٩٧٣).
(٢) سير أعلام النبلاء (٣/ ١٢٠).
(٣) صحيح مسلم (١٢٢٥).

<<  <   >  >>