للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكلهم معذورون - رضي الله عنهم -، ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم، ورواياتهم، وكمال عدالتهم، - رضي الله عنهم - أجمعين» (١).

تلخيصٌ لما حدث في معركة الجمل (سنة ٣٦ هـ) (٢):

نعود الآن إلى القسم الأول من الفريق الأول، الذي بايع عليَّاً، لكنه طلب بتعجيل القصاص من قتلة عثمان، فهم يرون الآن أنَّ الأشهر تمر، وعليٌّ لم يفعل شيئاً بعدُ في شأن هؤلاء القتلة. عندها بدأوا يفكرون في حلولٍ بديلة.

خرج طلحة والزبير أوَّلاً إلى مكة، فالتقيا هناك بأمِّ المؤمنين عائشة، واتفقوا جميعاً على ضرورة التعجيل بالثأر لدم عثمان، وساعدهم على التحرك لهذا الغرض: أنْ تواجد في مكة في هذا الوقت عبد الله بن عامر، وكان أمير البصرة في عهد عثمان، وكذلك تواجد يعلى بن أمية، الذي كان قد خرج من اليمن لإعانة الخليفة، وكِلا الرجلين يحثُّ على الخروج، ويعرض المعونة المادية.

واتفقوا بعد تشاور بينهم على أن يبدأوا الحركة من البصرة، ثم يتوجهوا إلى الكوفة، ويستعينوا بأهلها على قتلة عثمان منهم أو من غيرهم، ثم يدعون أهل الأمصار الأخرى لذلك، حتى يُضيِّقوا الخناقَ على قاتلي عثمان الموجودين في جيش عليّ، فيأخذونهم بأقل قدرٍ ممكنٍ من الضحايا (٣).

وكانت مطالبهم في ذلك الخروج واضحة، وهي: الثَّأرُ لدم عثمان، والإصلاح، وإعلام الناس بما فعل الغوغاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن هذا المطلب هو لإقامة حد من حدود الله، وأنه إذا لم يُؤخذْ على أيدي قتلة عثمان فسيكون كل إمام مُعرَّضاً للقتل من أمثال هؤلاء (٤).


(١) شرح صحيح مسلم (١٥/ ١٤٩).
(٢) ليس الحديث عن معركة الجمل من صُلب هذا الكتاب، لأن معاوية ليس طرفا فيها، ولذا لم أُطل النفس في الحديث عنها، وإنما أوردتها ليستقيم تسلسل الأحداث.
(٣) تاريخ الطبري (٤/ ٤٤٩ - ٤٥٠)، البداية والنهاية (١٠/ ٤٣٢).
(٤) أسمى المطالب (ص: ٥٤٢).

<<  <   >  >>