للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجواب عن أدلة المعترضين على تولية معاوية ليزيد من بعده]

- أما اعتراضهم بأن هذه الطريقة في تعيين الخليفة، والتي يعهد فيها الوالد إلى ولده من بعده، لم تكن من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء من بعده؛ فالجواب عنها: أنه ليس هناك نص صريح في الكتاب أو السنة في تعيين الطريقة التي تثبت بها الإمامة للإمام، وليس هناك إلا النصوص العامة المتعلقة بالولاية والتولية، سواء كانت صغرى أم كبرى، كالشورى ونحوها (١).

وأما عن طرق تولية الخلفاء الراشدين الأربعة: فلم تسر على وتيرة واحدة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الأمر شورى بين المسلمين، ولم يلزمهم بأحد، مع كونه أشار إلى أحقية أبي بكر، وأبو بكر عهد إلى عمر من بعده، وعمر عهد إلى نفر جعل الخلافة فيهم، وكأنه جمع بين فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعل أبي بكر، وعثمان قُتل ولم يعهد لأحد، وعلي اختاره المسلمون وبايعوه، ولما طُعن لم يعهد أيضا لأحد وترك الأمر شورى بين المسلمين (٢).

فمن هنا استنبط العلماء طريقتين لعقد الإمامة:

الأولى: الاختيار:

وهي التي يقوم بها أهل الحل والعقد، وهي الطريقة التي تمت بها تولية أبي بكر وعلي رضي الله عنهما.

الثانية: العهد أو الاستخلاف:

وهي أن يقوم الخليفة -إذا أحس بقرب أجله- بمشاورة أهل الحل والعقد فيمن يختار، فإذا وقع رأيه على شخص معين يصلح لهذا المقام، ووافقه أهل الحل والعقد؛ فإنه يعهد إليه من بعده، وبهذه الطريقة تمت تولية عمر، واستُخدمت -مع نوع من التعديل- في تولية عثمان - رضي الله عنه -.

قال الماوردي: «وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله: فهو مما انعقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته» (٣).


(١) الإمامة العظمى عند أهل السنة للدميجي (ص: ١٢٥).
(٢) انظر للمزيد من التفاصيل حول طريقة انعقاد إمامة كل خليفة منهم: الإمامة العظمى (ص: ١٤٤ - ١٥٧).
(٣) الأحكام السلطانية (ص: ٣٠).

<<  <   >  >>