للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مرضه وفاته]

لما استشعر معاوية - رضي الله عنه - دُنوَّ أجله، خطب الناس، فوعظهم وذكَّرهم، وكذلك أوصى ولده يزيد، وأعلمه ما يصنع عند موته.

فعن ثمامة بن كلثوم: «أن آخر خطبة خطبها معاوية أن قال: أيها الناس، إني من زَرْعٍ قد استحصد، وإني قد وليتكم، ولن يليكم أحد بعدي إلا من هو شر مني، كما كان من وليكم قبلي خيرا مني، ويا يزيد! إذا وفى أجلي فول غسلي رجلا لبيبا، فإن اللبيب من الله بمكان، فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير، ثم اعمد إلى منديل في الخزانة فيه ثوب من ثياب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقراضة من شعره وأظفاره، فاستودع القراضة أنفي وفمي وأذني وعيني، واجعل الثوب يلي جلدي دون أكفاني، ويا يزيد! احفظ وصية الله في الوالدين، فإذا أدرجتموني في جريدتي، ووضعتموني في حفرتي فخلوا معاوية وأرحم الراحمين» (١).

وقد أصابت معاوية - رضي الله عنه - لقوة (٢) في آخر عمره، فكان يستر وجهه، ويقول: «رحم الله عبدا دعا لي بالعافية، فقد رُميت في أحسني وما يبدو مني» (٣).

لكن يبدو أن هناك إصابة أخرى أقعدته في بيته، وهي أشبه ما تكون بقرحة ظهرت في جنبه، فكانت بسببها وفاته.

فعن أبي بردة، قال: «دخلتُ على معاوية حيث أصابته قرحته، فقال: هلم يا بن أخي نحوي فانظر، فنظرت فإذا هي قد سبرت، فقلت: ليس عليك بأس يا أمير المؤمنين، فدخل يزيد، فقال معاوية: إن وليت من أمر الناس شيئا فاستوص بهذا، فإن أباه كان لي خليلا -أو: نحو ذلك من القول- غير أني رأيت في القتال ما لم يره» (٤).


(١) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٦٥)، وثمامة هذا قال عنه الذهبي في الميزان (١/ ٣٧٢): "لا يُعرف".
(٢) اللقوة: داء في الوجه.
(٣) معرفة الصحابة (٥/ ٢٤٩٦)، تاريخ دمشق (٥٩/ ٢١٤)، البداية والنهاية (١١/ ٣٩٧).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه الطبري في تاريخه (٥/ ٣٣٢).

<<  <   >  >>