للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن محمد بن سيرين قال: «أخذت معاوية قِرَّة (١)، واتخذ لُحَفاً خِفافا، فكانت تلقى عليه، فلا يلبث أن ينادي بها، فإذا أخذت عنه سأل أن ترد عليه، فقال: قبحك الله دارا، مكثت فيك عشرين سنة أميرا، وعشرين سنة خليفة، ثم صرت إلى ما أرى» (٢).

وقال ابن كثير: «وذكروا أنه في آخر عمره اشتد به البرد، فكان إذا لبس أو تغطى بشيء ثقيل يغمه، فاتخذ له ثوب من حواصل الطير (٣)، ثم ثقل عليه بعد ذلك، فقال: تبا لك من دار، ملكتك أربعين سنة; عشرين أميرا، وعشرين خليفة، ثم هذا حالي فيك، ومصيري منك، تبا للدنيا ومحبيها» (٤).

وقد أثَّر المرض فيه، حتى ذبل جسمه، وشحب لونه، وأصبح حاله لا يخفى على زائره وناظره.


(١) القِرَّة: ما يصيب الإنسان وغيره من البرد، وسيأتي في رواية أخرى: "قرحة" بدلا من قرة.
(٢) في سنده ضعف: أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٦١)، وفي سنده يوسف بن عبدة، ليِّن الحديث، كما في التقريب (٧٨٧١)، وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٣٠١) من طريق يوسف بن عبدة أيضا، لكنه جعله عن ثابت البناني، بدلا من ابن سيرين؛ بلفظ: "لما كبر معاوية خرجت له قرحة في ظهره، فكان إذا لبس دثارا ثقيلا - والشام أرض باردة - أثقله ذلك وغمه؛ فقال: اصنعوا لي دثارا خفيفا دفيئا من هذه السخال، فصنع له، فلما ألقي عليه تسار إليه ساعة، ثم غمه، فقال: جافوه عني، ثم لبسه، ثم غمه فألقاه، ففعل ذلك مرارا ثم قال: قبحك الله من دار، ملكتك أربعين سنة، عشرين خليفة، وعشرين أميرا، ثم صيرتني إلى ما أرى، قبحك الله من دار".
(٣) الحواصل: جمع حوصلة، وهي للطائر بمنزلة المعدة للإنسان.
(٤) البداية والنهاية (١١/ ٤٥٥).

<<  <   >  >>