للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

[منهج العمل في الأبحاث]

لا ريب أنَّ نزول ميدانٍ كميدان السِّيَرِ والأخبار والمغازي يعجُّ بمئات المرويات، والتي لم تلتئم على بعضها، أو تَأْرِز إلى مكانٍ واحدٍ يجمعها، بل آثرت الفرقة، وعزَّت معظم الروايات المقبولة بنفسها، فضنَّت بما فيها على كل باحثٍ عجول، أو قارئٍ يكتفي بالمشهور، وإنما اختارت أن تبقى بمنأى يُحوج طالبها إلى صبر لاستخراجها، وسعيٍ حثيثٍ للوصول إليها، أضف إلى ذلك كثرة المؤلَّفات في هذا الباب؛ كل هذا لا يجعل المهمة سهلةً ميسورة، إلا بتأنٍّ وتتبُّعٍ، بعد عون الله - عز وجل -.

وقد حاولنا -قدر الاستطاعة- أن نتخيَّر خُطة عمل تُحكم الأبحاث، وتُخرجها أقرب ما تكون إلى الدِّقة التي يرجوها كلُّ منصفٍ وباحثٍ عن الحق؛ فاهتدينا إلى ما يلي:

أولاً: جعلنا كتاب: (تاريخ الطبري) أصلاً لمادة هذا البحث، يُضاف إليه ويُجمع عليه ما يُحتاج إليه من تتمَّات وزيادات لإكمال مشهد، أو تفصيل مُجمَل، أو إزالة شُبهة وإشكال.

وسبب اختيارنا له: ما تمتَّع به صاحبه من سيرةٍ حسنةٍ، وعدالةٍ مشتهرةٍ، إضافةً إلى شموليته في كثيرٍ من الأحداث، فقد استوعب كثيراً مما كُتب قبله، فصار عمدةً لكل من جاء بعده (١)، حتى أنَّ أبا الحسن ابن الأثير (ت: ٦٣٠ ه) حينما أراد أن يُصنِّف كتابه في التاريخ؛ جعل كتاب الطبري أصلاً لكتابه، بل في بعض الأحداث -كالفتنة التي وقعت بين الصحابة - رضي الله عنهم - اكتفى بكلام الطبري، ولم يُضف عليه شيئا!

يقول -رحمه الله-: «وقد جمعتُ في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتابٍ واحد، ومن تأمَّله علم صحة ذلك.


(١) انظر عن كتاب الطبري ومنهجه فيه وما تميَّز به: موارد تاريخ الطبري للدكتور علي جواد، منهج كتابة التاريخ الإسلامي حتى نهاية القرن الثالث الهجري لمحمد بن صامل السلمي (ص: ٤٤٠ - ٤٥١).

<<  <   >  >>