للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كنا مع سعد بن أبي وقاص في ركب، فنزل سعد ونزلت، واغتنمت نزوله فجعلت أمشي إلى جانبه، فحمدت الله، وأثنيت عليه، وقلتُ: إن معاوية طعن طعنا بيننا، لا أراها إلا قاتلته، وإن الناس قاتلون بقية أصحاب الشورى وبقية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنشدك الله إن وليت شيئا من أمرهم، أو تشق عصاهم، وأن تفرق جمعهم، أو تدعهم إلى أمر هلكة. فحمد سعدٌ الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فوالله لا أشق عصاهم، ولا أفرق جمعهم، ولا أدعهم إلى أمر هلكة حتى يأتوني بسيف يقول: يا سعد، هذا مؤمن فدعه، وهذا كافر فاقتله.

قال جندب: فعلمت أنه لا يدخل في شيء مما غيرا» (١).

استقبال معاوية خبر مقتل عليٍّ:

عن مغيرة الضبي قال: «لما جاء قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ويسترجع، فقالت له امرأته: تبكي عليه وقد كنت تقاتله؟ فقال لها: ويحك، إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم» (٢).

وبمقتل علي - رضي الله عنه - أُسدل الستار على فترة عصيبة من تاريخ هذه الأمة المباركة، وبدأت لوائح استقرار أوضاع البلاد تظهر في الأفق، خاصة بعد أن آل أمر الخلافة إلى الحسن بن علي - رضي الله عنه -، والذي أثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صغره -كما سيأتي-، ولم تزل الأمة تحمد له فعله، وتضرب المثل بزهده وعفوه، وحسن تصرُّفه وجميل موقفه، والذي تمخَّض عنه بعد ذلك: ميلادُ خلافة معاوية - رضي الله عنه -.


(١) إسناده صحيح: أخرجه الخلال في السنة (٢/ ٤٧٤).
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١٤٢)، وهو مرسل، فالمغيرة لم يدرك معاوية.

<<  <   >  >>