للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شكَّ أن موقفا من صحابيٍّ كعبد الرحمن بن أبي بكر، وفي المدينة النبوية؛ سيحدث تأثيرا كبيرا، وقد يُشكِّل معارضة قوية، وإذا كان مروان قد أخفق من البداية في احتواء الموقف؛ فهذا نذيرٌ بإخفاقه إذا تفاقم الأمر، ولذا رأى معاوية - رضي الله عنه - أنه لا بُدَّ أن يتولى أمر أهل المدينة بنفسه، وأن يكون حوار الصحابة - رضي الله عنه - معه دون واسطة، فقرر المجيء إلى الحجاز.

[الخطوة الخامسة: قدوم معاوية المدينة بنفسه، وطلبه البيعة ليزيد]

قدم معاوية الحجاز معتمرا في شهر رجب سنة ست وخمسين (١)، ومرَّ على المدينة قبل قدومه مكة، ولما سمع بعض الصحابة بقدومه، وأنه قد يطلب البيعة ليزيد؛ خرجوا من المدينة.

فعن ذكوان مولى عائشة قال: «لما أجمع معاوية أن يبايع لابنه يزيد حج، فقدم مكة في نحو من ألف رجل، فلما دنا من المدينة خرج ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر، فلما قدم معاوية المدينة صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر ابنه يزيد فقال: من أحق بهذا الأمر منه؟ ثم ارتحل» (٢).

وبعض الروايات تذكر أن خروج هؤلاء الصحابة كان قبل تحرك معاوية، وأن معاوية إنما تحرك بعد علمه بخروجهم.

فعن القاسم بن محمد بن أبي بكر: «قدِم معاوية المدينة حين أُخبر أن ابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن الزبير، خرجوا عائذين بالكعبة من بيعة يزيد بن معاوية» (٣).


(١) تاريخ الطبري (٥/ ٣٠١)، البداية والنهاية (١١/ ٣٠٧).
(٢) في إسناده مقال: أخرجه خليفة بن خياط في تاريخه (ص: ٢١٣)، وفي سنده النعمان بن راشد، صدوق سيء الحفظ، كما في التقريب (٧١٥٤).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه البخاري في التاريخ الصغير (١/ ١٢٩ - ١٣٠)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>