استطاع معاوية - رضي الله عنه - أن يأخذ البيعة ليزيد من أهل الأمصار في حياته، ولم يكن ثمَّ اعتراضٌ أو مناقشة من أحد، خلا بعض الصحابة من أهل المدينة؛ كعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن الزبير، وابن عمر، مع مراجعات يسيرة من آخرين، كعمرو بن حزم، والأحنف بن قيس.
ولما خشي معاوية على هؤلاء الذين لم يبايعوا، أخبرهم ألا يظهروا اعتراضهم على ملإ من الناس حتى يخبرهم أنهم دخلوا في البيعة، حتى لا يتعرض لهم أحدٌ من أهل الشام بسوء، ثم ليفعلوا بعد ذلك ما أرادوا؛ فقال لعبد الرحمن بن أبي بكر -كما تقدَّم-: «على رسلك أيها الرجل، لا تشرفن بأهل الشام، فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك حتى أخبر العشية أنك قد بايعت، ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك». وهذا يفسِّر إعلان معاوية بيعة هؤلاء المعترضين من الصحابة أمام الناس على المنبر، فقد أخبرهم بما هو صانع، وبيَّن حجته فيما فعل.