للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الروايات التي تقدمت أصح سندا، وأقوم متنا، من الروايات التي ذكرت أن معاوية هدَّد هؤلاء الصحابة بالقتل، وجعل على رأس كلٍّ منهم حارسا لضرب عنقه إن لم يبايع (١)!


(١) أخرج خليفة بن خياط في تاريخه (ص: ٢١٥) عن جويرية بن أسماء قال: سمعت أشياخ أهل المدينة يحدثون "أن معاوية لما كان قريبا من مكة، فلما راح من مر قال لصاحب حرسه: لا تدع أحدا يسير معي إلا من حملته أنا، فخرج يسير وحده، حتى إذا كان وسط الأراك لقيه الحسين بن علي، فوقف وقال: مرحبا وأهلا بابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد شباب المسلمين، دابة لأبي عبد الله يركبها، فأتي ببرذون فتحول عليه، ثم طلع عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: مرحبا وأهلا بشيخ قريش وسيدها وابن صديق هذه الأمة، دابة لأبي محمد، فأتي ببرذون فركبه، ثم طلع ابن عمر فقال: مرحبا وأهلا بصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن الفاروق وسيد المسلمين، ودعا له بدابة فركبها، ثم طلع ابن الزبير فقال له: مرحبا وأهلا بابن حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن الصديق وابن عمة رسول الله، ثم دعا له بدابة فركبها، ثم أقبل يسير بينهم لا يسايره غيرهم حتى دخل مكة، ثم كانوا أول داخل وآخر خارج، ليس في الأرض صباح إلا لهم فيه حباء وكرامة، لا يعرض لهم بذكر شيء مما هو فيه، حتى قضى نسكه وترحلت أثقاله وقرب مسيره إلى الكعبة وأنيخت رواحله، فأقبل بعض القوم على بعض فقالوا: أيها القوم، لا تخدعوا، إنه والله ما صنع بكم لحبكم ولا كرامتكم، وما صنعه إلا لما يريد، فأعدوا له جوابا، وأقبلوا على الحسين فقالوا: أنت يا أبا عبد الله، قال: وفيكم شيخ قريش وسيدها هو أحق بالكلام، فقالوا: أنت يا أبا محمد -لعبد الرحمن بن أبي بكر- فقال: لست هناك، وفيكم صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن سيد المسلمين -يعني: ابن عمر-، فقالوا لابن عمر: أنت، قال: لست بصاحبكم، ولكن ولوا الكلام ابن الزبير يكفيكم، قالوا: أنت يا ابن الزبير، قال نعم، إن أعطيتموني عهودكم ومواثيقكم ألا تخالفوني كفيتكم الرجل، فقالوا: فلك ذلك.

<<  <   >  >>