هل أصاب عليٌّ - رضي الله عنه - الحقَّ كاملاً بهذا القتال؟
مع كون علي - رضي الله عنه - كان الأقرب إلى الحق -كما تقدَّم-، إلا أن بعض العلماء يرون أنه لم يصب الحق كاملاً، وأن الحق كان مع من اعتزل القتال بالكلية، فإن الإصلاح كان أولى من الاقتتال، وإلا فالاعتزال.
قال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة -بعد أن قرَّر أن عليَّاً وعسكره أولى بالحق من معاوية وعسكره-: «لكن الفئة الباغية هل يجب قتالها ابتداء قبل أن تبدأ الإمام بالقتال، أم لا تُقاتَل حتى تبدأ بالقتال؟ هذا مما تنازع فيه العلماء، وأكثرهم على القول الثاني، فلهذا كان مذهب أكابر الصحابة والتابعين والعلماء أن ترك عليّ القتال كان أكملَ وأفضلَ وأتمَّ في سياسة الدين والدنيا»(١).
ثم اعتذر عن فعل عليٍّ بأنه كان إمام هدى من الخلفاء الراشدين، وأنه فعل ما فعل متأوِّلاً مجتهدا، وقد عَذَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد لما قتل الرجل الذي أشهر إسلامه لما رَفَع عليه السيف، وكذلك عَذَرَ خالد بن الوليد لما قتل من قتل من بني جذيمة، لأنهم لم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، وقالوا: صبئنا؛ لأن ذلك كان تأوُّلا منهما، ومعلوم أن عليَّاً وطلحة والزبير كانوا أفضل من أسامة وخالد وغيرهما، فهم أولى بقبول العذر منهم.