للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا دليل صدق أهل ذلك العصر, وعدم انحطاطهم إلى مرتبة الكذّابين -خذلهم الله تعالى-, ولو لم يدلّ على ذلك إلا أنّ معاوية لم يرو شيئاً قطّ في ذمّ عليّ - رضي الله عنه - , ولا في استحلال حربه, ولا في فضائل عثمان, ولا في ذمّ القائمين عليه, مع تصديق جنده له, وحاجته إلى تنشيطهم بذلك فلم يكن منه في ذلك شيء على طول المدّة, لا في حياة عليّ ولا بعد وفاته, ولا تفرّد برواية ما يخالف الإسلام ويهدم القواعد, ولهذا روى عن معاوية غير واحد من أعيان الصحابة والتابعين» (١).

معاوية مع أبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنهما-:

بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتولِّي أبي بكر - رضي الله عنه - الخلافة، ظلَّ معاوية على ما كان عليه، من خدمته لدينه، وجهاده وسعيه مع إخوانه للذبِّ عنه ونشره.

ومن ذلك: أنه شارك في معركة اليمامة، والتي كانت في أوائل عهد أبي بكر - رضي الله عنه -، وأبلى فيها المسلمون بلاءً حسناً، وثبَّتهم الله حتى قُتل مسيلمةُ الكذاب (٢).

قال ابنُ كثيرٍ عنه: «وشهد اليمامة، وزعم بعضهم أنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب، حكاه ابن عساكر، وقد يكون له شركٌ في قتله، وإنما الذي طعنه وحشي، وجلَّله أبو دجانة سماك بن خرشة بالسيف» (٣).

وذكر الطبريُّ في أحداث سنة ثلاث عشرة من الهجرة، عندما بدأ أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إرسال الجيوش إلى بلاد الشام، أنه أرسل معاوية أميراً على مددٍ أرسله إلى يزيد بن معاوية بالشام (٤).


(١) المصدر السابق (٢/ ٥٤١).
(٢) انظر تفاصيل ذلك في: تاريخ الطبري (٣/ ٢٨١ - ٣٠٠).
(٣) البداية والنهاية (١١/ ٣٩٦).
(٤) إسناده ضعيف: أخرجه الطبري في تاريخه (٣/ ٣٩٠ - ٣٩١)، وفي سنده سيف بن عمر التميمي، ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ، كما في التقريب (٢٧٢٤)، والراوي عنه: شعيب بن إبراهيم، فيه جهالة، كما في لسان الميزان (٤/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>