للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حجر الهيتمي: «ومنها -أي: من مناقبه- أن عمر - رضي الله عنه - مدحه وأثنى عليه، وولاه دمشق الشام مدة خلافة عمر، وكذلك عثمان - رضي الله عنه -، وناهيك بهذه منقبة عظيمة من مناقب معاوية! ومَنْ الذي كان عمر يرضى به لهذه الولاية الواسعة المستمرة؟ وإذا تأملت عَزْلَ عمر لسعد بن أبي وقاص -الأفضل من معاوية بمراتب- وإبقاءه لمعاوية على عمله من غير عزل له؛ علمت بذلك أن هذا ينبئ عن رفعة كبيرة لمعاوية، وأنه لم يكن ولا طرأ فيه قادح من قوادح الولاية، وإلا لما ولَّاه عمر، أو لعزله، وكذا عثمان. وقد شكا أهل الأقطار كثيراً من ولاتهم على عمر وعثمان، فعزلا عنهم من شكوهم، وإن جلَّت مراتبهم، وأما معاوية فأقام في إمارته على دمشق الشام هذه المدة الطويلة، فلم يشكُ أحدٌ منه، ولا اتهمه بجور ولا مظلمة، فتأمل ذلك ليزداد اعتقادك، أو لتسلم من الغباوة والعناد والبهتان» (١).

- علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:

مع ما وقع بين علي ومعاوية، إلا أنه لم يُأثر -بسند صحيحٍ- عن علي ذمٌّ في معاوية، أو انتقاص من قدره، بل قد ورد -فيما تقدَّم- إعذاره لمن خالفوه، ودعاؤه لهم بالمغفرة، وشهادته لهم بالإيمان، كذا رُوي عنه ما يدل على تقديره لمعاوية.

فعن الحارث الأعور قال: «لما رجع عليٌّ من صفِّين علم أنه لا يملك أبدا, فتكلم بأشياء كان لا يتكلم بها, وحدَّث بأحاديث كان لا يتحدث بها, فقال فيما يقول: أيها الناس! لا تكرهوا إمارة معاوية, والله لو قد فقدتموه لقد رأيتم الرؤوس تندر من كواهلها كالحنظل» (٢).


(١) تطهير الجنان (ص: ٦٨).
(٢) في إسناده ضعف: أخرجه ابن سعد في الطبقات (المتمم للصحابة، الطبقة الرابعة، ص: ١٢٠)، وابن أبي شيبة (٣٧٨٥٤)، وعبد الله بن أحمد في السنة (١٢٨٣)، وفي سنده مجالد بن سعيد، تقدَّم أنه ليس بالقوي، والحارث نفسه مع صحبته لعلي كان فيه ضعف، كما في التقريب (١٠٢٩).

<<  <   >  >>