للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن هشام بن عروة قال: «صلى بنا عبد الله بن الزبير يوما من الأيام، فوجم بعد الصلاة ساعة، فقال الناس: لقد حدَّث نفسه، ثم التفت إلينا فقال: لا يبعدن ابن هند، إن كانت فيه لمخارج لا نجدها في أحد بعده أبدا، والله إن كنا لنُفْرقه (١)، وما الليث على براثنه بأجرأ منه؛ فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه، وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه؛ فيتخادع لنا، والله لوددت أنا مُتعنا به ما دام في هذا الجبل حجر، وأشار إلى أبي قبيس، لا يتحول له عقل، ولا ينقص له قوة، قال: فقلنا: أوحش والله الرجل» (٢).

ممَّا قيل فيه من رثاء (٣):

قال أبو الدرداء العنبري يرثي معاوية - رضي الله عنه -:

أَلَا أَنْعَى مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ ... نَعَاهُ الْحِلُّ لِلشَّهْرِ الْحَرَامِ

نَعَاهُ النَّاعِجَاتُ (٤) بِكُلِّ فَجٍّ ... خَوَاضِعَ فِي الْأَزِمَّةِ كَالسِّهَامِ

فَهَاتِيكَ النُّجُومُ وَهُنَّ خُرْسٌ ... يَنُحْنَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الشَّآمِ

وقال أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي يرثيه أيضاً:

رَمَى الْحِدْثَانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ ... بِمِقَدْارٍ سَمَدْنَ لَهُ سُمُودَا (٥)

فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضَا ... وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ الْبِيضَ سُودَا

فَإِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ بُكَاءَ هِنْدَ ... وَرَمْلَةَ إِذْ يُصَفِّقْنَ الْخُدُودَا

بَكَيْتَ بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ (٦) قَرِيحٍ (٧) ... أَصَابَ الدَّهْرُ وَاحِدَهَا الْفَرِيدَا


(١) نفرقه: أي نخوِّفه.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١٨٥).
(٣) انظر: أنساب الأشراف للبلاذري (٥/ ١٥٧)، البداية والنهاية (١١/ ٤٦١ - ٤٦٢).
(٤) الناعجات: جمع ناعجة، وهي المرأة حسنة اللون.
(٥) السمود يكون بمعنى الحزن والسرور، وهو هنا بمعنى الحزن.
(٦) المعولة: الرافعة صوتها بالبكاء والصياح.
(٧) القريح: الجريح.

<<  <   >  >>