للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن زيد بن وهب، قال: «مررت بالرَّبَذَة فإذا أنا بأبي ذر - رضي الله عنه -، فقلتُ له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنتُ بالشأم، فاختلفتُ أنا ومعاوية في: {الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله}؛ قال معاويةُ: نزلتْ في أهل الكتاب، فقلتُ: نزلتْ فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان - رضي الله عنه - يشكوني، فكتب إليَّ عثمان: أن اقدم المدينة فقدمتها، فكثر عليَّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان، فقال لي: إن شئتَ تنحَّيتَ، فكنتَ قريباً.

فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمَّروا علي حبشياً لسمعتُ وأطعتُ» (١).

معاوية وفتنة مَقْتَل عثمان - رضي الله عنه - (٢):

لِعدَّةِ عوامل مجتمعة معاً، كطبيعة التحوُّل الاجتماعيِّ في عهد عثمان (٣)، والرخاء الذي عمَّ على المسلمين من أثر الفتوح والغنائم، ومجيء عثمان بعد عمر، مع ما بينهما من اختلاف الطبائع والسِّمات الشخصية، وبعض الاختلاف في سياسة التعامل مع الصحابة وسائر الناس، وظهور العصبية القبلية المتمثِّلة في استثقال بعض القبائل العربية لرئاسة قريش؛ كان لهذا كله أثرٌ كبيرٌ وواضحٌ في بروز الفتنة التي انتهت بمقتل ذي النورَيْن عثمان - رضي الله عنه - (٤).


(١) صحيح البخاري (١٤٠٦).
(٢) انظر في تعريف الفتنة والمراد منها: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (١/ ٢٦٧ - ٢٨٣).
(٣) المراد بذلك: تحول الدولة الإسلامية من دولة محدودة النطاق، تقوم في المدينة المنورة، وتحكم شبه جزيرة العرب، إلى دولة عالمية، يمتد سلطانها ليشمل إلى ذلك: ممالك العراق والشام ومصر وإفريقية وأرمينية وبلاد فارس، وغير ذلك.
(٤) انظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (١/ ٣٢١ - ٣٦٨).

<<  <   >  >>