للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل كان ابن حزم يرى هذه الطريقة هي الأفضل والأحسن؛ فقال -بعد أن ذكر الطريقة السابقة لانعقاد الإمامة-: «وهذا هو الوجه الذي نختاره ونكره غيره، لما في هذا الوجه من اتصال الإمامة وانتظام أمر الإسلام وأهله، ورفع ما يتخوف من الاختلاف والشغب مما يتوقع في غيره من بقاء الأمة فوضى، ومن انتشار الأمر، وارتفاع النفوس، وحدوث الأطماع» (١).

وأما العهد بالخلافة إلى الآباء أو الأبناء -على وجه الخصوص- فقد اختلف العلماء في جوازه على ثلاثة مذاهب (٢)؛ منها: جواز العهد إلى الأصول والفروع، وقد رجَّح ذلك ابن خلدون، وتقدَّم ذكر كلامه. فهذه من المسائل السائغ فيها الخلاف بين العلماء.

[إذن لماذا اعترض البعض على عهد معاوية بالخلافة ليزيد من بعده؟]

والجواب: أن اعتراضهم لم يكن لأجل الطريقة التي استخدمها معاوية، وإنما كان لأجل الشخص نفسه الذي وقع عليه الاختيار.

قال ابن حزم: «إنما أنكر من أنكر من الصحابة - رضي الله عنهم -، ومن التابعين بيعة يزيد بن معاوية، والوليد، وسليمان؛ لأنهم كانوا غير مرضيين، لا لأن الإمام عهد إليهم في حياته» (٣).

ولذلك لما اجتمع معاوية بمن اعترضوا على تولية يزيد -وقد سبق ذكر أسمائهم- تكلم عنهم ابن الزبير فقال لمعاوية: «فاصنع ما صنع أبو بكر، قال معاوية: لله أبوك! وما صنع أبو بكر؟ قال: عمد إلى رجل من قاصية قريش، ليس من بني أبيه ولا من رهطه الأدنين فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رجل من قريش شئت ليس من بني عبد شمس فترضى به» (٤).


(١) الفِصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ١٣١).
(٢) الإمامة العظمى (ص: ١٩٤ - ١٩٨).
(٣) الفِصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ١٣١).
(٤) إسناده ضعيف: تقدَّم تخريجه.

<<  <   >  >>