للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتذكر بعض الروايات «أن معاوية ألحَّ في زمانه على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في غزو البحر وقرب الروم من حمص، وقال: إنَّ قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم، وصياح دجاجهم، حتى كاد ذلك يأخذ بقلب عمر، فَكَتَبَ عمرُ إلى عمرو بن العاص: صف لي البحر وراكبه، فإن نفسي تنازعني إليه، فكتب إليه عمرو: إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلقٌ صغيرٌ، إن ركن خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين قلةً، والشك كثرةً، هم فيه كدود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق، فلما قرأه عمر كتب إلى معاوية: لا والذي بعث محمداً بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبداً» (١).

وبقي معاوية عاملاً لعمر على بلاد الشام، حتى مقتله سنة ثلاث وعشرين.

قال الطبريُّ: «عمَّال عمر - رضي الله عنه - على الأمصار: وكان عامل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في السنة التي قُتل فيها -وهي سنة ثلاث وعشرين- على مكة: نافع بن عبد الحارث الخزاعي، .... ، وعلى دمشق: معاوية بن أبي سفيان» (٢).

معاوية مع عثمان بن عفَّان -رضي الله عنهما-:

بعد أن آلَ أمرُ الخلافة إلى عثمان، ووقع عليه الاختيار من بين النفر الستة الذين رشَّحهم عمر عند موته (٣)؛ سار عثمان مع معاوية مسير عمر في إبقائه على ما هو عليه من أمر الولاية والإمارة، ومع اتساع بلاد الإسلام، وثبوت كفاءة معاوية؛ أفرد عثمان لمعاوية حكم الشام كلها وحده -كما تقدَّم-.


(١) في جميع أسانيدها مقال: أخرجها الطبري في تاريخه (٤/ ٢٥٨ - ٢٦٠)، ففي جميع طرقها سيف بن عمر التميمي، تقدَّم أنه مع ضعفه فهو عمدة في التاريخ، والراوي عنه: شعيب بن إبراهيم، تقدَّم أن فيه جهالة.
(٢) المصدر السابق (٤/ ٢٤١).
(٣) صحيح البخاري (٣٧٠٠).

<<  <   >  >>