[الخطوة السادسة: لقاء معاوية مع المعترضين على بيعة يزيد]
لما وصل معاوية - رضي الله عنه - مكة، وأدَّى عمرته: بدأ اللقاء مع هؤلاء الصحابة المعترضين على البيعة.
يقول القاسم بن محمد بن أبي بكر:«لما قدم معاوية مكة تلقَّاه عبد الله بن الزبير بالتنعيم، فضاحكه معاوية وسأله عن الأموال، ولم يعرض بشيء من الأمر الذي بلغه، ثم لقي عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر؛ فتفاوضا معه في أمر يزيد، ثم دعا معاوية ابن الزبير فقال له: هذا صنيعك أنت، استزللت هذين الرجلين، وسننت هذا الأمر، وإنما أنت ثعلب رواغ لا تخرج من جحر إلا دخلت في آخر، فقال ابن الزبير: ليس بي شقاق، ولكن أكره أن أبايع رجلين، أيكما أُطِيع بعد أن أعطيكما العهود والمواثيق؟ فإن كنت مللت الإمارة فبايع ليزيد، فنحن نبايعه معك»(١).
وثمَّ رواياتٌ أخرى ذكرت ما دار من حوار بين معاوية وابن عمر، وعبد الرحمن - رضي الله عنهم -.
فعن ذكوان مولى عائشة قال: «قدم معاوية مكة فقضى طوافه ودخل منزله، فبعث إلى ابن عمر، فتشهَّد وقال: أما بعد يا بن عمر، فإنك قد كنت تحدثني أنك لا تحب أن تبيت ليلة سوداء ليس عليك أمير، وإني أحذرك أن تشق عصا المسلمين، وأن تسعى في فساد ذات بينهم، فلما سكت تكلم ابن عمر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنه قد كانت قبلك خلفاء لهم أبناء ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يروا في أبنائهم ما رأيت أنت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار، وإنك تحذرني أن أشق عصا المسلمين وأن أسعى في فساد ذات بينهم، ولم أكن لأفعل، إنما أنا رجل من المسلمين، فإذا اجتمعوا على أمر فإنما أنا رجل منهم، فقال: يرحمك الله، فخرج ابن عمر.
وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فتشهَّد وأخذ في الكلام فقطع عليه كلامه، فقال: إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لانفعل، والله لتردن هذا الأمر شورى في المسلمين، أو لنعيدنها عليك جذعة، ثم وثب فقام.
(١) إسناده صحيح: أخرجه أبو نعيم في الحلية (١/ ٣٣٠ - ٣٣١).