للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم الأمة متفقة على خلاف هذا ; فإنها لم تقتل كل من تولى أمرها ولا استحلت ذلك. ثم هذا يوجب من الفساد والهرج ما هو أعظم من ولاية كل ظالم، فكيف يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء يكون فعله أعظم فسادا من تركه؟!» (١).

[ب- حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: «سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى، فلا تعتلوا بربكم».]

قال عبادة: والله إن معاوية لمن أولئك.

هذا الحديث رواه بهذه الزيادة: «والله إن معاوية لمن أولئك» الحاكم (٢) من طريق مسلم بن خالد، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه: أن عبادة بن الصامت قام قائماً في وسط دار أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - , فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمداً أبا القاسم يقول: «سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون, فلا طاعة لمن عصى فلا تعتبوا (٣) أنفسكم». فوالذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك، فما راجعه عثمان حرفاً.

وهذا الحديث ضعيفٌ مُسلسلٌ بالعلل (٤)، ومع ذلك: فمع افتراض صحة هذا الحديث؛ فإن المرفوع منه ليس فيه ذكرٌ لمعاوية، وإنما هو اجتهاد من عبادة - رضي الله عنه - في حمل الحديث على معاوية - رضي الله عنه -، وقد خالفه في هذا الاجتهاد عمر وعثمان رضي الله عنهما، حيث جعلا معاوية والياً على الشام، ولم يتهماه مدة ولايته -كما تقدَّم-.

وكذا أدرك جمعٌ من الصحابة وكبار التابعين ملك معاوية, ولم ينزعوا يداً من طاعة - رضي الله عنهم - كما تقدَّم ذلك عن الأوزاعي-.


(١) منهاج السنة (٤/ ٣٨٠ - ٣٨١).
(٢) المستدرك (٥٥٣٠).
(٣) كذا، وفي المسند (٢٢٧٨٦) , وتاريخ دمشق (٢٦/ ١٩٨): (تعتلوا)، وانظر الضعيفة للألباني (٣/ ٥٢٨).
(٤) تتبع الشيخ سعد السبيعي طرق هذا الحديث، وبيَّن علله، وهتك ستره، في كتابه: سل السنان (ص: ١٨٤ - ١٩٠)، فانظرها هناك.

<<  <   >  >>