للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثناءُ عمر على معاوية:

لا شكَّ أنّ استعمال عمر لمعاوية، وإبقاءه عليه طول مدة خلافته؛ هو تزكيةٌ عاليةٌ من رجل عُرف عنه الانتقاء والاصطفاء في اختيار العمال والولاة والأمراء، خاصَّة مع ما كان عليه عمر من عزل مَنْ يحب ويستأمن لأقل شكوى ترد من رعيته فيه، كما وقع منه مع سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - (١).

وقد وردت -إضافةً لذلك، ولسنا في حاجة إليها لما تقدَّم- بعضُ الروايات التي تصرِّح بثناء عمر على معاوية؛ ومنها:

أن معاوية ذُكر يوماً عند عمر، وكأنَّ بعضهم قد ذمَّه، فقال عمر: «دعونا من ذمِّ فتى قريش وابن سيدها، من يضحك في الغضب، ولا يُنال إلا على الرضى، ومن لا يأخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه» (٢).

ولما قدم عمر الشام ورأى معاوية قال: «هذا كسرى العرب» (٣). وكان معاوية قد تلقَّاه في موكبٍ عظيمٍ، فلمَّا دنا منه قال له عمر: «أنت صاحب الموكب العظيم؟» قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: «مع ما يبلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟» قال: مع ما يبلغك من ذاك. قال: «ولم تفعل هذا؟» قال: نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير، فيجب أن نُظهر من عزِّ السلطان ما نرهبهم به؛ فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت.


(١) انظر: صحيح البخاري (٧٥٥)، صحيح مسلم (٤٥٣). وقد قال عمر عن سعد لما طُعن، وهو يوصي بأهل الشورى والخلافة بعده -كما في صحيح البخاري (٣٧٠٠) -: "فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة".
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في حلم معاوية (١) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١١٢) - وفي سنده رجل مبهم لم يُسمَّ.
(٣) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في حلم معاوية (٣) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١١٤) - عن أبي عبدالرحمن المدني؛ به، مرسلاً.
وأخرجه البغوي في معجم الصحابة (٥/ ٣٧٠) عن أبي الحسن المدائني؛ به، مرسلاً أيضاً.

<<  <   >  >>