للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ زحف إليهم بالناس، ورفع معاوية قُبَّةً عظيمة قد ألقى عليها الكرابيس، وبايعه عظم الناس من أهل الشام على الموت، وبعث خيلُ أهلَ دمشق فاحتاطت بقبته، وزحف عبد الله بن بديل في الميمنة نحو حبيب بن مسلمة، فلم يزل يحوزه، ويكشف خيله من الميسرة حتى اضطرهم إلى قُبَّة معاوية عند الظهر» (١).

مَقْتلُ عمَّار بن ياسر - رضي الله عنه -، وظهورُ جيش عليٍّ على أهل الشام:

كان لوجود عمار بن ياسر في جيش علي أثرٌ كبير في اتِّباع الناس له، وانحيازهم إليه، وذلك لما علموه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن قتل عمَّار خاصَّة، حيث قال: «ويْحَ عمَّار، تقتله الفئة الباغية» (٢).

فعن حبة بن جوين العرني، قال: «انطلقتُ أنا وأبو مسعود إلى حذيفة بالمدائن، فدخلنا عليه، فقال: مرحباً بكما، ما خلَّفتُما من قبائل العرب أحداً أحبَّ إلي منكما، فأسندته إلى أبي مسعود، فقلنا: يا أبا عبد الله، حدِّثنا فإنا نخاف الفتن، فقال: عليكما بالفئة التي فيها ابن سمية، إنِّى سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: تقتله الفئة الباغية الناكبة عن الطريق، وإن آخر رزقه ضياحٌ من لبن.

قال حبة: فشهدته يوم صفِّين وهو يقول: ائتوني بآخر رزق لي من الدنيا، فأتي بضياح من لبن في قدح أروح له حلقة حمراء، فما أخطأ حذيفة مقياس شعرة، فقال:

اليوم ألقى الأحبَّة ... محمَّداً وحِزْبه


(١) إسناده ضعيف: أخرجه الطبري في تاريخه (٥/ ٣٧)، وفي سنده أبو مخنف، تقدم الكلام فيه.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٤٧)، ومسلم (٢٩١٥) من حديث أبي سعيد الخدري.
وقد تكلَّم بعض العلماء في صحة هذا الحديث بما لا يقدح فيه إن شاء الله، فانظر تفصيل ذلك في: سلِّ السنان في الذبِّ عن معاوية بن أبي سفيان (ص: ١٧٦ - ١٨٤).

<<  <   >  >>