للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمعاوية لما كان له نصيب من الصحبة والاتصال برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصار أقوام يجعلونه كافرا أو فاسقا، ويستحلون لعنته ونحو ذلك، احتاج أهل العلم أن يذكروا ما له من الاتصال برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرعى بذلك حق المتصلين برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحسب درجاتهم» (١).

وقال الذهبي: «وإنما قال هذا بعض السنة في معاوية خاصة لما رأوا من إستحلال الرافضة لعنه وتكفيره» (٢).

ثانياً: ثناء الصحابة - رضي الله عنه - والسلف عليه:

- أبو بكر، وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم -:

مر بنا في الفصل الأول كيف أن أبا بكر أمَّر معاوية على مدد أرسله لأهل الشام، وكذلك استعمله ككاتب له في بعض أموره، وهذه شهادة من أبي بكر لمعاوية بالأمانة.

ثم جاء عمر من بعده فاستعمل معاوية على عمل أخيه يزيد بالشام، ورضيه عليه طوال فترة خلافته، فلم يعزله ولم يغيره، مع ما عُرف عن عمر من حرص في انتقاء عمَّاله على البلاد، ومتابعتهم، فهذه شهادة عملية من عمر لمعاوية بالأمانة، وحسن الولاية.

ولما جاء عثمان: أقرَّ معاوية على ما هو عليه، بل وجمع له الشام، وبقي عليها طوال خلافة عثمان.

فاتفاق كل من عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما -وهما من هما في الفضل والصحبة، ولهما المكان الأعلى من الورع والدين والتقى، وسداد الرأي وحسن الفكر وتمام النظر- على تأمير معاوية - رضي الله عنه - على الشام؛ ولا يُعرف عنه عجزٌ ولا خيانة؛ لهو أكبر دليل على فضل معاوية، واستحقاقه لهذه المنزلة.

يقول الذهبي: «حسبك بمن يؤمِّرُه عمر، ثم عثمان على إقليم - وهو ثغر - فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضي الناس بسخائه وحلمه» (٣).


(١) منهاج السنة النبوية (٤/ ٣٧١ - ٣٧٢).
(٢) المنتقى من منهاج الاعتدال (ص: ٢٤٥).
(٣) سير أعلام النبلاء (٣/ ١٣٢).

<<  <   >  >>