للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن محمد بن عمرو بن حزم، قال: «لما قُتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص، فقال: قُتل عمار، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تقتله الفئة الباغية، فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قُتل عمار، فقال معاوية: قد قُتل عمار، فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية: دحضتَ في بَوْلك، أونحن قتلناه؟! إنما قتله عليٌّ وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: بين سيوفنا» (١).

ردُّ العلماء تأويل معاوية - رضي الله عنه - وأهلِ الشام للحديث:

مع إعذار العلماء لمعاوية ومن قاتل معه -كما سيأتي لاحقاً إن شاء الله- إلا أنهم لم يرتضوا منهم هذا التأويل للحديث، ورأوه بعيداً عن المراد منه، وهذا من الإنصاف.

قال أبو عبد الله القرطبي: «وقد أجاب عليٌّ - رضي الله عنه - عن قول معاوية بأن قال: فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذاً قتل حمزة حين أخرجه، وهذا من علي - رضي الله عنه - إلزامٌ لا جواب عنه، وحجةٌ لا اعتراض عليها. قاله الإمام الحافظ أبو الخطاب بن دحية» (٢).

وقال ابن تيْميَّة: «وأما الحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعمَّار: تقتلك الفئة الباغية، فبعضهم ضعَّفه، وبعضهم تأوَّله، فقال بعضهم: ما يروى عن معاوية - رضي الله عنه - أنه قال لما ذُكر له هذا الحديث: أونحن قتلناه؟ إنما قتله عليٌّ وأصحابه حيث ألقوه بين أسيافنا.


(١) إسناده صحيح: أخرجه معمر في جامعه (مصنف عبد الرزاق- ٢٠٤٢٧) -ومن طريقه أحمد (١٧٧٧٨)، وأبو يعلى (٧١٧٥)، والحاكم (٢٦٦٣) -.
(٢) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: ١٠٨٩).

<<  <   >  >>