للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورُوي عن علي - رضي الله عنه - أنه ذُكر له هذا التأويل، فقال: فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يكونون حينئذ قد قتلوا حمزة وأصحابه يوم أحد؛ لأنه قاتل معهم المشركين.

وهذا القول لا أعلم له قائلاً من أصحاب الأئمة الأربعة ونحوهم من أهل السنة، ولكن هو قول كثير من المروانية ومن وافقهم» (١).

وقال أيضاً: «ويُروى أن معاوية تأوَّل أن الذي قتله هو الذي جاء به دون مقاتليه، وأن عليَّاً ردَّ هذا التأويل بقوله: فنحن إذاً قتلنا حمزة. ولا ريب أن ما قاله علي هو الصواب» (٢).

وقال ابن القيِّم: «نعم، التأويل الباطل تأويل أهل الشام قوله لعمَّار: تقتلك الفئة الباغية، فقالوا: نحن لم نقتله، إنما قتله من جاء به حتى أوقعه بين رماحنا! فهذا هو التأويل الباطل المخالف لحقيقة اللفظ وظاهره، فإن الذي قتله هو الذي باشر قتله لا من استنصر به، ولهذا ردَّ عليهم من هو أولى بالحق والحقيقة منهم؛ فقالوا: فيكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هم الذين قتلوا حمزة والشهداء معه، لأنهم أتوا بهم حتى أوقعوهم تحت سيوف المشركين» (٣).

وقال ابن كثير: «فقول معاوية: إنما قتله من قدمه إلى سيوفنا؛ تأويلٌ بعيدٌ جداً، إذ لو كان كذلك لكان أمير الجيش هو القاتل للذين يقتلون في سبيل الله، حيث قدَّمهم إلى سيوف الأعداء» (٤).

ولعلَّ من أقوى ما يردُّ هذا التأويل: فهمَ عبد الله بن عمرو بن العاص للحديث كما فهمه عليٌّ وأصحابه، مع أنه لم يكن في جيشهم.


(١) منهاج السنة النبوية (٤/ ٤٠٥ - ٤٠٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٧٧).
(٣) الصواعق المرسلة (١/ ١٨٤ - ١٨٥).
(٤) البداية والنهاية (٩/ ١٩٦).

<<  <   >  >>