للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن تيمية: «وأما ما ذُكر من لعن علي؛ فإن التلاعن وقع من الطائفتين كما وقعت المحاربة، وكان هؤلاء يلعنون رءوس هؤلاء في دعائهم، وهؤلاء يلعنون رءوس هؤلاء في دعائهم. وقيل: إن كل طائفة كانت تقنت على الأخرى. والقتال باليد أعظم من التلاعن باللسان، وهذا كله سواء كان ذنباً أو اجتهاداً: مخطئاً أو مصيباً؛ فإن مغفرة الله ورحمته تتناول ذلك بالتوبة، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، وغير ذلك» (١).

[الشبهة التاسعة: محاولة معاوية نقل منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى الشام]

ذكر الطبري عدة روايات -في أحداث سنة خمسين من الهجرة- حول محاولة معاوية لنقل منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه إلى الشام، إليك بيانها، والحكم عليها:

- عن شعيب بن عمرو الأموي قال: «وفي هذه السنة أمر معاويه بمنبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أن يُحمل إلى الشام، فحُرِّك، فكسفت الشمس حتى رئيت النجوم بادية يومئذ، فأعظم الناس ذلك، فقال: لم أرد حمله، إنما خفت أن يكون قد أرض، فنظرت إليه، ثم كساه يومئذ».

- وعن سعيد بن دينار قال: «قال معاوية: إني رأيت أن منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعصاه لا يُتركان بالمدينة، وهم قتلة أمير المؤمنين عثمان وأعداؤه، فلما قدم طلب العصا وهي عند سعد القرظ، فجاءه أبو هريرة وجابر بن عبد الله، فقالا: يا أمير المؤمنين، نذكرك الله عز وجل أن تفعل هذا، فإن هذا لا يصلح، تخرج منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من موضع وضعه، وتخرج عصاه إلى الشام! فانقل المسجد، فأقصر وزاد فيه ست درجات، فهو اليوم ثماني درجات، واعتذر إلى الناس مما صنع».


(١) منهاج السنة النبوية (٤/ ٤٦٨).

<<  <   >  >>