للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر: «واستدل به -أي: بحديث: إن ابني هذا سيد- على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي، وإن كان علي أحق بالخلافة وأقرب إلى الحق، وهو قول سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، ومحمد بن مسلمة، وسائر من اعتزل تلك الحروب» (١).

[إعذار أهل السنة لمعاوية - رضي الله عنه - ومن معه، وإمساكهم عن الكلام فيهم]

مع تصويب أهل السنة لموقف علي - رضي الله عنه -، وتخطئتهم لموقف معاوية - رضي الله عنه - ومن معه، إلا أنهم جميعاً التمسوا العذر لمعاوية، ورأوه مجتهداً أخطأ في اجتهاده، فهو معذور، مأجور، لكونه أهلاً للاجتهاد.

قال أبو الحسن الأشعري: «فأما ما جرى من علي والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، فإنما كان على تأويل واجتهاد، وعليٌّ الإمام، وكلهم من أهل الاجتهاد، وقد شهد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة والشهادة، فدلَّ على أنهم كلهم كانوا على حقٍّ في اجتهادهم، وكذلك ما جرى بين سيدنا علي ومعاوية رضي الله عنهما، فدل على تأويل واجتهاد.

وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين، وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم، وتعبدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم، والتبري من كل من ينقص أحدا منهم رضي الله عنهم أجمعين» (٢).

وقال أبو المعالي الجويني: «علي - رضي الله عنه - كان إماماً حقاً في توليته، ومقاتلوه بغاة، وحسن الظن بهم يقتضي أن يُظن بهم قصد الخير، وإن أخطئوه» (٣).

وقال ابن حزم: «وإنما قَتَل عمَّار - رضي الله عنه - أصحابُ معاوية - رضي الله عنه -، وكانوا متأولين تأويلهم فيه، وإن أخطئوا الحق مأجورون أجرا واحدا؛ لقصدهم الخير» (٤).


(١) فتح الباري (١٣/ ٦٧).
(٢) الإبانة عن أصول الديانة (ص: ٢٦٠).
(٣) الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ص: ٤٣٣).
(٤) المحلَّى (١١/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>