للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البيهقي: «باب الدليل على أن الفئة الباغية، لا تخرج بالبغي عن تسمية الإسلام، وقال الشافعي: سماهم الله تعالى بالمؤمنين, وأمر بالإصلاح بينهم» (١). ثم ساق البيهقي حديث: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة , ودعواهما واحدة».

قال ابن كثير: «وحمل البيهقي هذه الوقعة -يعني: وقعة صفِّين- على الحديث الذي أخرجاه في الصحيحين، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، يقتل بينهما مقتلة عظيمة، ودعواهما واحدة» (٢).

وقال ابن العربي: «والذي تثلج به صدوركم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر في الفتن، وأشار وبيَّن، وأنذر بالخوارج وقال: تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق، فبين أن كل طائفة منهما تتعلق بالحق، ولكن طائفة عليٍّ أدنى إليه، وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فلم يخرجهم عن الإيمان بالبغي بالتأويل، ولا سلبهم اسم الأخوة» (٣).

وقال القرطبي: «لا يجوز أن يُنسب إلى أحد من الصحابة خطأٌ مقطوعٌ به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله - عز وجل -، وهم كلهم لنا أئمة» (٤).

وقال النووي: «قال العلماء: هذا الحديث -يعني: حديث الفئة الباغية- حجة ظاهرة في أن عليَّاً - رضي الله عنه - كان محقاً مصيباً، والطائفة الأخرى بغاة، لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم لذلك» (٥).


(١) السنن الكبرى (٨/ ٢٩٩).
(٢) البداية والنهاية (١٠/ ٥٥٠ - ٥٥١).
(٣) العواصم من القواصم (ص: ١٦٨ - ١٦٩).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (١٦/ ٣٢١).
(٥) شرح صحيح مسلم (١٨/ ٤٠).

<<  <   >  >>