فعن حمزة بن عبد الله بن عمر، أنه بينا هو جالس مع عبد الله بن عمر جاءه رجل من أهل العراق فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني والله لقد خرجت أن أتسمت بسمتك، وأقتدي بك في أمر فرقة الناس، وأعتزل الشر ما استطعت، وأن أقرأ آية من كتاب الله محكمة، قد أخذت بقلبي، فأخبرني عنها، أرأيت قول الله - عز وجل -: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} أخبرني عن هذه الآية. فقال عبد الله بن عمر:«ما لك ولذلك؟! انصرف عني». فقام الرجل فانطلق حتى إذا توارينا سواده أقبل إلينا عبد الله بن عمر فقال:«ما وجدت في نفسي في شيء من أمر هذه الآية إلا ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله تعالى»(١).
فلمَّا قُتل عمَّار - رضي الله عنه - شدَّ ذلك من أزر جيش عليٍّ، وكاد أن يفتَّ في عضد جيش معاوية، لولا ما تأوَّل به معاويةُ هذا الحديث، وانتشر بين أفراد جيشه.
(١) إسناده صحيح: أخرجه الحاكم (٣٧٢٢)، وليس في الأثر المذكور تحديد من يعنيهم ابن عمر، إلا أنه قد ورد عند ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٢١٣) -بسند صحيح- من طريق سعيد بن جبير، قال: "لما حضرت ابن عمر الوفاة قال: ما آسى على شيء إلا على ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا. يعني الحجاج".