للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فخرج الإذن فأذن لهم، فدخلوا فتكلم معاوية، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد علمتم سيرتي فيكم، وصلتي لأرحامكم، وصفحي عنكم، وحملي لما يكون منكم، ويزيد ابن أمير المؤمنين، أخوكم وابن عمكم، وأحسن الناس فيكم رأيا، وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونون أنتم الذين تنزعون وتؤمرون وتجبون وتقسمون، لا يدخل عليكم في شيء من ذلك، فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ فسكتوا فأقبل على ابن الزبير فقال: هات يا بن الزبير، فإنك لعمري صاحب خطبة القوم، قال: نعم يا أمير المؤمنين، نخيرك من ثلاث خصال، أيها ما أخذت فهو لك رغبة، قال: لله أبوك! اعرضهن، قال: إن شئت صنعت ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن شئت صنعت ما صنع أبو بكر، فهو خير هذه الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن شئت صنعت ما صنع عمر، فهو خير هذه الأمة بعد أبي بكر، قال: لله أبوك! وما صنعوا؟ قال: قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعهد عهدا، ولم يستخلف أحدا، فارتضى المسلمون أبا بكر، فإن شئت أن تدع هذا الأمر حتى يقضي الله فيه قضاءه فيختار المسلمون لأنفسهم، فقال: إنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر، إن أبا بكر كان رجلا تقطع دونه الأعناق، وإني لست آمن عليكم الاختلاف، قال: صدقت، والله ما تحب أن تدعنا على هذه الأمة، قال: فاصنع ما صنع أبو بكر، قال: لله أبوك! قال: وما صنع أبو بكر؟ قال: عمد إلى رجل من قاصية قريش، ليس من بني أبيه ولا من رهطه الأدنين فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رجل من قريش شئت ليس من بني عبد شمس فترضى به، قال: لله أبوك! الثالثة ما هي؟ قال: تصنع ما صنع عمر، قال: وما صنع عمر؟ قال: جعل هذا الأمر شورى في ستة نفر من قريش، ليس فيهم أحد من ولده، ولا من بني أبيه، ولا من رهطه، قال: فهل عندك غير هذا؟ قال: لا، قال: فأنتم؟ قالوا: ونحن أيضا، قال: إما لا فإني أحببت أن أتقدم إليكم أنه قد أعذر من أنذر، وإنه قد كان يقوم منكم القائم إلي فيكذبني على رؤوس الناس فأحتمل له ذلك وأصفح عنه، وإني قائم بمقالة إن صدقت فلي صدقي، وإن كذبت فعلي كذبي، وإني أقسم لكم بالله لئن ردَّ عليَّ منكم إنسان كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يسبق إلي رأسه، فلا يرعين رجل إلا على نفسه، ثم دعا صاحب حرسه فقال: أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين من حرسك، فإن ذهب رجل يرد علي كلمة في مقامي هذا بصدق أو كذب فليضرباه بسيفيهما.
ثم خرج وخرجوا معه، حتى إذا رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم، لا نستبد بأمر دونهم، ولا نقضي أمرا إلا عن مشورتهم، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد ابن أمير المؤمنين من بعده، فبايعوا بسم الله، فضربوا على يديه، ثم جلس على راحلته وانصرف، فلقيهم الناس فقالوا: زعمتم وزعمتم فلما أرضيتم وحبيتم فعلتم، قالوا: إنا والله ما فعلنا، قالوا: فما منعكم أن تردوا على الرجل إذ كذب؟ ثم بايع أهل المدينة والناس، ثم خرج إلى الشام".
وهذا مع ما في متنه من النكارة والمخالفة للآثار الصحيحة التي تقدمت، فإنه معضل ضعيف الإسناد، فشيوخ جويرية الذين ذكروا هذه القصة مجاهيل مبهمون لا يُدرى من هم!

<<  <   >  >>