للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ محب الدين الخطيب: «إن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ -أي: يزيد- مبلغ أبي بكر وعمر في مجموع سجاياهما، فهذا ما لا يبلغه خليفة في تاريخ الإسلام، ولا عمر بن عبد العزيز! وإن طمعنا بالمستحيل وقدرنا إمكان ظهور أبي بكر آخر وعمر آخر؛ فلن تتاح له بيئة كالبيئة التي أتاحها الله لأبي بكر وعمر.

وإن كان مقياس الأهلية الاستقامة في السيرة، والقيام بحرمة الشريعة، والعمل بأحكامها، والعدل في الناس، والنظر في مصالحهم، والجهاد في عدوهم، وتوسيع الآفاق لدعوتهم، والرفق بأفرادهم وجماعاتهم؛ فإن يزيد يوم تمحص أخباره، ويقف الناس على حقيقة حاله كما كان في حياته، يتبين من ذلك أنه لم يكن دون كثيرين ممن تغنى التاريخ بمحامدهم، وأجزل الثناء عليهم» (١).

٣ - أنه كان قائدا لأول جيش غزا مدينة قيصر، أي: القسطنطينية، وقد بشرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمغفرة؛ فقال: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم» (٢).

قال المهلب: «في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر، ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر» (٣).

لهذه الأسباب والدوافع قدَّم معاوية ابنه يزيد على غيره ليكون خَلَفاً له، ولم يجد في حجج المعارضين ما يجعله يتراجع عن رأيه، فحاصل اعتراضهم -كما قدَّمنا- يرجع لأمرين، وكلاهما له توجيه في فعل معاوية كما يلي.


(١) حاشية وتعليق مطبوع مع العواصم من القواصم (ص: ٢١٤).
(٢) صحيح البخاري (٢٩٢٤).
(٣) فتح الباري (٦/ ١٠٢).

<<  <   >  >>