للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها، فإذا تعين رجلان، أحدهما أعظم أمانة، والآخر أعظم قوة؛ قُدِّم أنفعهما لتلك الولاية، وأقلهما ضررا فيها، فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع -وإن كان فيه فجور- على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان أمينا، كما سُئِل الإمام أحمد: عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر، والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزى؛ فقال: أما الفاجر القوي: فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف: فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيغزي مع القوي الفاجر» (١).

ومع ذلك، فيزيد لم يكن مغموصا عليه شيءٌ في دينه، يدل على ذلك:

١ - أن المعارضين لم يذكروا قدحاً في يزيد، وإلا: كيف يمكن أن يتجاهلوا صفات يزيد التي اتهم بها فيما بعد، وخاصة في ذلك الموقف الذي يتطلب حشد أي دليل في مقابل الخصم؟!

يقول ابن العربي: «فإن قيل: كان منها -أي: من شروط الإمامة- العدالة والعلم، ولم يكن يزيد عدلًا ولا عالماً؛ قلنا: وبأي شيء نعلم عدم علمه، أو عدم عدالته؟ ولو كان مسلوبهما لذكر ذلك الثلاثة الفضلاء الذين أشاروا عليه بأن لا يفعل، وإنما رموا إلى الأمر بعيب التحكيم، وأرادوا أن تكون شورى» (٢).

٢ - ما يذكره أهل التاريخ في ترجمة يزيد، ومن ذلك قول ابن كثير: «وقد كان يزيد فيه خصال محمودة من الكرم، والحلم، والفصاحة، والشعر، والشجاعة، وحسن الرأي في الملك، وكان ذا جمال، حسن المعاشرة» (٣).


(١) السياسة الشرعية (ص: ١٥).
(٢) العواصم من القواصم (ص: ٢٢٢ - ٢٢٣).
(٣) البداية والنهاية (١١/ ٦٤٦).

<<  <   >  >>