للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما وصلوا إلى البصرة، خرج إليهم عثمان بن حنيف، والي عليٍّ على البصرة، فقال لهم: «ماذا تريدون؟» قالوا: نريد قتلة عثمان. فقال لهم: «حتى يأتي عليٌّ»، ومنعهم من الدخول.

ثم خرج إليهم حُكيم بن جَبَلة، وهو أحد الذين شاركوا في قتل عثمان، فقاتلهم في سبعمئة رجلٍ فانتصروا عليه، وقتلوا كثيراً ممن كان معه، وانضم كثيرٌ من أهل البصرة إلى جيش طلحة والزبير وعائشة (١).

بلغ عليَّاً أنَّ ثمة قتالٍ وقع بين عثمان بن حنيف، وبين جيش طلحة والزبير، عندها جهَّز جيشاً قوامه عشرة آلاف، وخرج من المدينة إلى الكوفة. وهنا يظهر لنا جليَّاً أنَّ عليَّ بن أبي طالب هو الذي خرج إليهم ولم يخرجوا عليه، ولم يقصدوا قتاله كما تدَّعِي بعض الطوائف ومن تأثَّر بهم، ولو كانوا يريدون الخروج على عليٍّ لذهبوا إلى المدينة مباشرة، وليس إلى البصرة (٢).

ولما وصل عليٌّ إلى البصرة، أرسل القعقاع بن عمرو للتفاوض مع طلحة والزبير، واتفق الجميع على عدم القتال، والانتظار لحين استقرار الأمر، حتى يتسنَّى لعليٍّ تنفيذُ القصاص. بَيْد أن هذا الاتفاق لم يصادف قبولاً عند قتلة عثمان الذين تغلغلوا في جيش عليٍّ، فقد رأَوْا في هذا الاتفاق تمهيداً للقضاء عليهم، فباتوا ليلتهم يفكرون في كيفية إشعال الفتنة والحرب بين الجيشين، فاستقر رأيهم على أن تخرج جماعة منهم لتهجم على جيش طلحة والزبير، وتقتل بعض الأفراد منهم، ثم يُولوا هاربين، وفي ظلام الليل نفَّذوا ما اتفقوا عليه.

فوجئ جيشُ طلحة بهجومٍ عليه، وقَتْلٍ في أفراده، فظنُّوا أن جيش عليٍّ غدر بهم، فناوشوا جيش عليّ في الصباح، فظنَّ جيشُ عليٍّ أنَّ جيش طلحة والزبير قد غدر، فاستمرت المناوشات بين الفريقين حتى كانت الظهيرة؛ فاشتعلت المعركة.


(١) البداية والنهاية (١٠/ ٤٣٦ - ٤٣٩).
(٢) حقبة من التاريخ لعثمان الخميس (ص: ١٧٦).

<<  <   >  >>