للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البيهقي: «وقد ذهب أكثرهم -يعني: أكثر الصحابة- إلى أنَّ عليَّاً - رضي الله عنه - كان محقاً في قتاله، حاملاً لمن خالفه على طاعته, يقصد بقتاله أهل الشام حمل أهل الامتناع على ترك الطاعة للإمام, وبقتاله أهل البصرة دفع ما كانوا يظنون عليه من قتله عثمان بن عفان - رضي الله عنه - , أو مشاركته قاتله في دمه, أو ما يقدح في إمامته, واستدلوا على بغي من خالفه من أهل الشام بما كان سبق له من شورى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , وبيعة من بقي من أصحاب الشورى إياه قبل وقوع الفرقة, وأنه كان في وقته أحقَّهم بالإمامة بخصائصه, وأنهم وجدوا علامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للفئة الباغية فيمن خالفه» (١). ثم ساق حديث: «وَيْح عمّار، تقتله الفئة الباغية».

وقال أبو عبد الله القرطبي: «وقال فقهاء الإسلام -فيما حكاه الإمام عبد القاهر في كتاب الإمامة من تأليفه-: وأجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي، منهم: مالك، والشافعي، وأبو حنيفة والأوزاعي، والجمهور الأعظم من المتكلمين؛ إلى أن عليَّاً مصيب في قتاله لأهل صفِّين، كما قالوا بإصابته في قتل أصحاب الجمل، وقالوا أيضاً بأن الذين قاتلوه بغاةٌ ظالمون له، ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم.

وقال الإمام أبو منصور التيمي البغدادي -في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة-: وأجمعوا أن عليَّاً كان مصيباً في قتال أهل الجمل، أعني: طلحة والزبير وعائشة بالبصرة، وأهل صفِّين، أعني: معاوية وعسكره» (٢).


(١) السنن الكبرى (٨/ ٣٢٦).
(٢) التذكرة (ص: ١٠٨٩).

<<  <   >  >>