للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك أكثر السابقين لم يقاتلوا، بل مثل: سعد بن أبي وقاص، ومثل: أسامة بن وزيد، وعبدالله بن عمر، وعمران بن الحصين، ولم يكن في العسكرين -بعد عليٍّ- أفضل من سعد بن أبي وقاص ولم يقاتل، وزيد بن ثابت، ولا أبو هريرة، ولا أبو بكرة، ولا غيرهم من أعيان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأُهْبَان بن صَيْفِي: خذ هذا السيف فقاتل به المشركين، فإذا اقتتل المسلمون فاكسره (١)، ففعل ذلك ولم يقاتل في الفتنة. وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن (٢). وفي الصحيح عن أسامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني لأرى الفتنة تقع خلال بيوتكم كمواقع القَطْر (٣).

والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة في إخباره بما سيكون في الفتنة بين أمته، وأمره بترك القتال في الفتنة، وأنَّ الإمساك عن الدخول فيها خيرٌ من القتال» (٤).


(١) أخرجه أحمد (٢٠٦٧٠) وابن ماجه (٣٩٦٠) والترمذي (٢٢٠٣) - واللفظ لأحمد - عن عُدَيْسة بنت أُهْبان: "أن علي بن أبي طالب أتى أهبان، فقال: ما يمنعك من اتباعي؟ فقال: أوصاني خليلي وابن عمك، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ستكون فتن وفرقة، فإذا كان ذلك فاكسر سيفك، واتخذ سيفا من خشب»، فقد وقعت الفتنة والفرقة، وكسرت سيفي، واتخذت سيفا من خشب، فهذا سيفي، فإن شئتَ خرجتُ به معك، فقال عليٌّ: لاحاجة لنا فيك، ولا في سيفك".
(٢) أخرجه البخاري (١٩) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (١٨٧٨)، ومسلم (٢٨٨٥) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
(٤) جامع المسائل (٦/ ٢٦٦ - ٢٦٨).

<<  <   >  >>