للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن عمرو بن دينار: «أن معاوية كان يعلم أن الحسن كان أكره الناس للفتنة، فلما توفي عليٌّ بعث إلى الحسن فأصلح الذي بينه وبينه سرا، وأعطاه معاوية عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه (١)، وليجعلن هذا الأمر إليه، فلما توثق منه الحسن، قال ابن جعفر (٢): والله إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب بثوبي، وقال: اقعد يا هناه (٣)، اجلس، فجلست، قال: إني قد رأيت رأيا وأحب أن تتابعني عليه، قال: قلت: ما هو؟ قال: قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها، وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسقطت فيها الدماء، وقُطِّعت فيها الأرحام، وقُطِّعت السبل، وعُطِّلت الفروج - يعني الثغور- فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد خيراً، فأنا معك على هذا الحديث، فقال الحسن: ادع لي الحسين. فبعث إلى حسين فأتاه؛ فقال: أي أخي، إني قد رأيت رأيا وإني أحب أن تتابعني عليه، قال: ما هو؟ قال: فقص عليه الذي قال لابن جعفر، قال الحسين: أعيذك بالله أن تُكذِّب عليَّاً في قبره وتصدِّق معاوية، فقال الحسن: والله ما أردت أمرا قط إلا خالفتني إلى غيره، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري، قال: فلما رأى الحسين غضبه قال: أنت أكبر ولد عليّ، وأنت خليفته، وأمرنا لأمرك تبع، فافعل ما بدا لك» (٤).

الخطوة الخامسة: قبول الحسن مبادرة معاوية، وتنازله له، مع اشتراطه الأمان لمن معه (٥):


(١) أي: يجعل الخلافة له من بعده.
(٢) هو: عبد الله بن جعفر الطيار.
(٣) أي: يا رجل.
(٤) إسناده صحيح: أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (المتمم للصحابة، الطبقة الخامسة، ١/ ٣٣١).
(٥) استفدتُ هذا التقسيم من صاحب كتاب: مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري (ص: ١٠٢)، وهو يسمي هذه الخطوات مراحل، وإن كنتُ اختلفتُ معه في عدد هذه الخطوات، وبعض تفاصيلها.

<<  <   >  >>