للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية أن معاوية تكلَّم، ثم طلب من الحسن أن يُكلِّم الناس.

فعن الشعبي قال: «شهدتُ الحسن بن علي - رضي الله عنه - بالنخيلة حين صالحه معاوية - رضي الله عنه -، فقال له معاوية: إذا كان ذا فقم فتكلم، وأخبر الناس أنك قد سلَّمت هذا الأمر لي. فقام فخطب على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه - قال الشعبي: وأنا أسمع - ثم قال: أما بعد, فإن أكيس الكيس التقى, وإن أعجز العجز الفجور، ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ كان أحق به، أو حق لي تركته لمعاوية إرادة إصلاح المسلمين, وحقن دمائهم، {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} , ثم استغفر ونزل» (١).

وكان الحسن يؤكد على سبب تنازله وقبوله الصلح بعد ذلك؛ وهو: رغبته في الحفاظ على دماء المسلمين، وتخوفه من السؤال بين يدي الله؛ فكان يقول: «خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفا، أو ثمانون ألفا، أو أكثر من ذلك وأقل، كلهم تنضح أوداجهم دما، كلهم يستعدي الله فيما هريق دمه» (٢).


(١) حسن بشواهده: أخرجه سعيد بن منصور -كما في فتح الباري (١٣/ ٦٣) -، والطبراني في الكبير (٣/ رقم ٢٥٥٩)، والبيهقي (١٦٧١٢)، وفي الدلائل (٦/ ٤٤٤)، وفي سنده مجالد بن سعيد، تقدَّم أنه ليس بالقوي، لكن يقويه هنا ما صحَّ قبله.
(٢) إسناده حسن: أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (المتمم للصحابة، الطبقة الخامسة، ١/ ٣٣٢)، وفي سنده علي بن محمد المدائني، تقدَّم أنه كان صدوقا، عارفا بأيام الناس.

<<  <   >  >>