للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصح من ذلك: ما قدَّمناه من خطبته في الناس، وكذا وصيته ليزيد في كيفية تكفينه، وإن كان في هذه الرواية ضعف، إلا أنها تتقوى بما يلي:

عن ميمون بن مهران: «أن معاوية قال في مرضه الذي مات فيه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كساني قميصا فرفعته، وقلم أظفاره يوما، فأخذت قلامته فجعلتها في قارورة، فإذا مت: فألبسوني ذلك القميص، وقطعوا تلك القلامة، واسحقوها وذروها في عيني، وفي في، فعسى الله أن يرحمني ببركتها!

ثم قال متمثلا بشعر الأشهب بن رميلة النهشلي يمدح به القباع:

إذا مت مات الجود وانقطع الندى ... من الناس إلا من قليل مصرد

وردت أكف السائلين وأمسكوا ...... من الدين والدنيا بخلف مجدد

فقالت إحدى بناته- أو غيرها-: كلا يا أمير المؤمنين، بل يدفع الله عنك، فقال متمثلا:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع

ثم أغمي عليه، ثم أفاق، فقال: لمن حضره من أهله: اتقوا الله عز وجل، فإن الله سبحانه يقي من اتقاه، ولا واقي لمن لا يتقي الله، ثم قضى» (١).

قال ابن كثير: «وقد ورد من غير وجه أنه أوصى إليه أن يكفن في ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كساه إياه، وكان مدخرا عنده لهذا اليوم، وأن يجعل ما عنده من شعره وقلامة أظفاره في فمه، وأنفه، وعينيه، وأذنيه» (٢).


(١) إسناده حسن إلى ميمون: أخرجه الطبري في تاريخه (٥/ ٣٢٦ - ٣٢٧)، وفي سنده عبد الأعلى بن ميمون، ترجم له البخاري في التاريخ الكبير (٦/ ٧٠)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٢٧)، وأثبتا له السماع من أبيه، ولم يذكرا فيه شيئا، وذكره ابن حبان في الثقات (٧/ ١٢٩)، فخبره هنا عن أبيه مما يُتساهل فيه إن شاء الله.
(٢) البداية والنهاية (١١/ ٤٥٨ - ٤٥٩).

<<  <   >  >>